توافد العشرات من الموظفين المفصولين بسبب نتائج تحاليل مخدرات مثيرة للجدل، على مقر رئاسة الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، حاملين شكاواهم وآمالهم في استعادة وظائفهم التي سلبتها تقارير لجان التحليل، استنادًا إلى قانون 73 لسنة 2021، وسط صمت رسمي وتجاهل حكومي.

جاءت هذه الخطوة في إطار تحركات متزايدة من المتضررين وأسرهم للضغط على الحكومة لتعديل القانون، والتحقيق في ما يصفونه بـ"عشوائية" تطبيقه، والتي تسببت في تشريد آلاف الأسر، دون محاكمة أو مراجعة علمية دقيقة لنتائج التحاليل.

وبينما قدّمت أسر المفصولين شكاوى عبر الخط الساخن والموقع الإلكتروني لرئاسة الوزراء، حضرت أيضًا زوجات موظفين مفصولين بأنفسهن لتسليم الشكاوى، في مشهدٍ مؤثر يكشف عن حجم المعاناة والضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تلاحق هؤلاء بعد الفصل.
 

شهادات من قلب الأزمة
   يقول كريم مجدي، موظف سابق بإحدى شركات البترول، إنه فُصل دون أن تُؤخذ منه عينة للتحليل، فقط لأنه اعترض على سوء المعاملة داخل مستشفى السهام البترولي أثناء تنظيم صفوف الموظفين. "اللجنة وصفتني إيجابيًا رغم أنني لم أُحلل أصلًا.

وتؤكد شهادات أخرى أن الكثير من الموظفين وُصموا بالتعاطي استنادًا إلى نتائج تحاليل مريبة، في غياب أي ضمانات للعدالة أو الشفافية.
بل إن لجان الفحص تجاهلت، وفق الشهادات، روشتات طبية رسمية تبرر نتائج العينات الإيجابية بسبب تعاطي أدوية مثل الإيبوبروفين ومضادات البرد والحساسية.

الدكتور خالد مصيلحي، أستاذ العقاقير بجامعة القاهرة، صرّح سابقًا بأن هذه الأدوية قد تظهر كمخدرات في التحاليل الاستدلالية، ما يُفترض أن يدفع اللجان للتحقق أو إعادة التحليل، وهو ما لم يحدث في أغلب الحالات.
 

أزمة بلا أرقام رسمية
   حتى الآن، لم تصدر الحكومة بيانات رسمية دقيقة بشأن عدد الموظفين المفصولين بموجب القانون، منذ إعلان مدير صندوق مكافحة الإدمان، في يناير 2023، عن فصل نحو 1000 موظف.
غير أن النائبة إحسان شوقي قدّرت الأعداد الحقيقية بما يصل إلى 60 ألف موظف.

وتزداد الصورة قتامة حين نعلم أن المفصول لا يحصل على تعويض أو مكافأة نهاية خدمة، ويُمنع من التقديم لأي وظيفة حكومية مستقبلًا، ويظل وسم "متعاطٍ" يلاحقه اجتماعيًا ومهنيًا، كأنما هي "تهمة أبدية"، كما وصفها أحدهم.
 

القمع بدلًا من الاستماع
   في أكتوبر الماضي، أُلقي القبض على 6 موظفين بعد مشاركتهم في مؤتمر بحزب المحافظين للمطالبة بتعديل القانون.
وفي مايو، تكرر السيناريو مع 13 موظفًا آخرين بعد وقفة احتجاجية سلمية أمام نقابة الصحفيين. هذا القمع أثار مخاوف كثيرة من تحوّل القانون إلى أداة سياسية وأمنية لقمع الأصوات المعارضة.
 

اللائحة والتطبيق.. من المسؤول؟
   تحدد اللائحة التنفيذية لقانون 73/2021 تشكيل لجان التحليل من وزارات بعينها، وتمنع أي جهة أخرى من التدخل.
لكنها لم تضع ضمانات كافية لمواجهة الأخطاء المحتملة أو لإعادة فحص النتائج المشكوك بها، كما لم تضمن إجراءات تظلم عادلة للمتضررين.

ويُشترط في القانون أن يُثبت الموظف "عدم تعاطيه" عبر تحليل فجائي استدلالي، ما يعني أن عبء الإثبات يقع على الموظف، لا اللجنة، في مخالفة صارخة لمبدأ البراءة الأصلية.