حذّرت القاهرة من تداعيات استمرار الجمود في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، مشيرة إلى أن الأزمة قد تفتح بابًا لمزيد من التوترات الإقليمية، وسط تمسّك إثيوبيا بسياساتها الأحادية في إدارة السد ورفضها توقيع اتفاق قانوني ملزم.

وجاء التحذير المصري على لسان وزير الخارجية بدر عبد العاطي، خلال مشاركته في اليوم الثاني من منتدى قادة السياسات الذي تنظمه غرفة التجارة الأمريكية في القاهرة.
وأكد الوزير أن "الموقف من أزمة سد النهضة قد يقود إلى توتر جديد في المنطقة"، في ظل غياب أي تقدم سياسي أو فني يُذكر.
 

توقف المفاوضات وتعنت إثيوبي
   وأعلنت مصر وقف المحادثات الثلاثية مع إثيوبيا منذ أكثر من عام، بعد أن وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود.
وتتهم القاهرة أديس أبابا بالتمسك بمواقف متشددة، واتباع نهج المراوغة لكسب الوقت واستكمال بناء السد دون الالتزام بأي اتفاق يضمن حقوق دولتي المصب: مصر والسودان.

وكانت إثيوبيا قد أعلنت أواخر عام 2023 إتمام المرحلة الرابعة والأخيرة من ملء خزان السد، وهي الخطوة التي اعتبرتها مصر "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي"، مشيرة إلى أن تنفيذ تلك المرحلة بشكل منفرد "غير قانوني ويُهدد الأمن المائي لدولة تعيش بالفعل تحت خط الفقر المائي".
 

سد عملاق يثير أزمة وجودية
   يقع سد النهضة على النيل الأزرق، وبدأت إثيوبيا في تشييده عام 2011، في إطار خطة طموحة لإنهاء معاناة أكثر من نصف سكانها من انعدام الكهرباء.
ويُعد المشروع الأضخم من نوعه في إفريقيا، بطاقة إنتاجية قد تصل إلى 6,450 ميغاواط، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف إنتاج سد أسوان العالي.

ورغم الأهداف التنموية المعلنة، ترى مصر أن المشروع يحمل تهديدًا وجوديًا خطيرًا، إذ تعتمد البلاد بنسبة تتجاوز 98% على نهر النيل كمصدر وحيد للمياه، سواء في الزراعة أو الشرب أو الصناعة.
وتخشى القاهرة من أن يؤدي تشغيل السد دون اتفاق ملزم إلى تقليص حصتها المائية، وهو ما قد يُفاقم الأزمات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
 

بين مخاوف مصرية وتعهدات إثيوبية
   في المقابل، تؤكد الحكومة الإثيوبية أن السد لا يهدف إلى الإضرار بأي من دول الجوار، وأنها ملتزمة بمبادئ "الاستخدام العادل والمنصف" لمياه النيل، استنادًا إلى إعلان المبادئ الموقع عام 2015 بين الدول الثلاث.
لكنها ترفض، في الوقت ذاته، التوقيع على اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، لا سيما في فترات الجفاف.

وتتهم مصر إثيوبيا بمحاولة استخدام السد كورقة ضغط سياسي في أوقات النزاع، من خلال التحكم في تدفق المياه نحو دولتي المصب، وهو ما قد يُعرّض المنطقة لمخاطر جيوسياسية غير مسبوقة.