أثار تقرير نشره موقع "العربي الجديد" للكاتب صالح سالم، يوم 28 مايو 2025، قلقًا مصريًا متزايدًا إزاء خطة محتملة لنقل عدد كبير من الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مناطق خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع السودانية بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). تعود هذه المخاوف إلى خطة أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإخلاء القطاع وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، حيث يحاول حميدتي - بدعم إماراتي وفقًا للتقارير - كسب ود إدارة ترامب من خلال عرض استقبال لاجئي غزة.
أثار هذا العرض غضب القاهرة، التي تقود جهودًا دبلوماسية مكثفة لإفشال خطة تهجير الفلسطينيين. وصرّح الباحث السياسي المصري محمد ربيع الديهي أن "مقترح حميدتي يتطلب تحركًا عربيًا جماعيًا لحماية حلم الدولة الفلسطينية"، مؤكدًا أن مصر تعارض بشدة أي شكل من أشكال التهجير لما يمثله من انتهاك لحق الفلسطينيين في أرضهم.
لم تصدر أي تأكيدات رسمية من الولايات المتحدة أو الإمارات حول هذه الخطة، كما لم يعلن حميدتي نفسه عنها. لكن العلاقة الوثيقة بين أبو ظبي وقوات الدعم السريع، التي تخوض صراعًا مسلحًا مع الجيش السوداني منذ أبريل 2023، تثير الشكوك حول حقيقة هذا التنسيق.
يرى محللون مصريون أن قلق القاهرة ينبع من ضعف تأثيرها على قوات الدعم السريع، التي باتت تسيطر على مساحات شاسعة من شرق وغرب السودان، بينما تواصل تعزيز قدراتها العسكرية بدعم إقليمي خاصة من طائرات مسيّرة. القاهرة تدعم الجيش السوداني بشكل واضح، وتعتبر التعامل مع الميليشيات انتهاكًا لعقيدتها السياسية التي تحصر العلاقات الرسمية بالدول فقط، وهو ما زاد من توتر علاقاتها مع قوات حميدتي، التي تتهم مصر مرارًا بتنفيذ ضربات جوية ضد مواقعها.
يرجّح مراقبون في القاهرة عجز مصر عن إقناع الإمارات بالتراجع عن دعم خطة توطين لاجئي غزة في السودان، خاصة إذا ما رأت أبو ظبي في ذلك فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي وكسب رضى واشنطن. ويُنظر إلى الخطة باعتبارها "طعنة في ظهر" مصر التي تقود منذ شهور حملة لرفض مشروع ترامب وطرحت بديلًا يهدف إلى إعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها.
أعدّت القاهرة خطة لإعادة الإعمار بكلفة تُقدّر بـ53 مليار دولار، وتسعى إلى حشد دعم عربي وإسلامي لها، في إطار مساعٍ للحفاظ على حلم الدولة الفلسطينية ومنع تصفيتها. وترى أن تهجير سكان غزة يمهّد الطريق لتهجير ثلاثة ملايين فلسطيني من الضفة الغربية نحو الأردن، ضمن مشروع أكبر لتصفية القضية الفلسطينية.
اتهمت مصر إسرائيل باتباع سياسة "الأرض المحروقة" في غزة لجعلها غير صالحة للحياة، وبتطبيق نفس النهج تدريجيًا في الضفة الغربية. ويعتقد مراقبون أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة حول نيته احتلال غزة وتهجير سكانها تُعبّر عن توافق إسرائيلي-أميركي واضح على هذا المسار.
عرض حميدتي ليس الأول من نوعه، فقد تداولت تقارير في الأشهر الماضية عن عروض مماثلة من إندونيسيا ومنطقة صوماليلاند الانفصالية، ما يعزز الاعتقاد بوجود مشروع منظم لتهجير سكان غزة إلى دول أخرى مقابل مكاسب سياسية أو مالية.
يحذّر المحللون الفلسطينيون من أن تواطؤ بعض الدول العربية في هذه الخطط قد يؤدي إلى تكرار السيناريو في مناطق عربية أخرى. وقال المحلل السياسي الفلسطيني تيسير الخطيب إن "الدول التي تسهّل تنفيذ خطة حميدتي يجب أن تدرك أن نموذج غزة قد يُطبّق عليها لاحقًا من إسرائيل والولايات المتحدة".
https://www.newarab.com/news/egypt-bitter-sudans-rsf-hemedti-seeks-host-gaza-refugees