أصدرت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، في جلستها المنعقدة بتاريخ 25 مايو 2025، قرارًا بتأجيل النظر في الدعوى رقم 54529 لسنة 77 قضائية، والمرفوعة من عدد من الأطباء البارزين، إلى جلسة 5 أغسطس المقبل، وتطالب الدعوى المقامة أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، والتي تطالب بمنع خصخصة المستشفيات العامة، موجهة ضد رئيس مجلس الوزراء، ووزير الصحة والسكان، ووزير المالية، ووزير التخطيط والتنمية الاقتصادية، بصفاتهم الرسمية، بوقف خطط الحكومة الرامية إلى خصخصة المستشفيات العامة، معتبرة أن هذه الخطط تمثل تهديدًا مباشرًا لمجانية العلاج وتكافؤ الفرص في الرعاية الصحية، ويمثل هذا القرار حلقة جديدة في الجدل المحتدم حول مستقبل القطاع الصحي في مصر.

 

مقدمو الدعوى

أصحاب الدعوى هم مجموعة من الأطباء البارزين الذين عبروا عن قلقهم الشديد إزاء خطط الحكومة المصرية لخصخصة المستشفيات العامة، في مقدمتهم، الدكتورة منى مينا، التي كانت تشغل منصب وكيل نقابة الأطباء سابقًا، وتعد من أبرز الناشطين في الدفاع عن حقوق الأطباء والمواطنين في المجال الصحي.

إلى جانبها، يوجد الأطباء: إيهاب الطاهر، رئيس لجنة الصحة في نقابة الأطباء، ورشوان شعبان، عضو النقابة، وأحمد أبو بكر، عضو النقابة، وأحمد فتحي عبد العزيز، عضو آخر في النقابة، وجيهان يوسف حنا، التي تعد واحدة من الأصوات المدافعة عن القطاع الصحي في مصر.

وأكد مقدمو الدعوى أن خصخصة المستشفيات تهدد مبدأ العدالة الصحية، خاصة للفقراء ومحدودي الدخل، وتعد خروجًا عن التزامات الدولة الدستورية بتوفير الرعاية الصحية المجانية للمواطنين.

 

خصخصة المستشفيات: بين خطة حكومية ورؤية معارضة

ترى الحكومة المصرية أن خصخصة بعض المستشفيات العامة أو إشراك القطاع الخاص في إدارتها، يدخل ضمن خطة إصلاح اقتصادي أوسع تهدف إلى تقليل العجز في الموازنة العامة وتحسين كفاءة الخدمات.

ووفقًا لتصريحات سابقة لوزير المالية الانقلاب محمد معيط في ديسمبر 2024، فإن الدولة تسعى لتقليص الدعم تدريجيًا وتحفيز القطاع الخاص لضخ استثمارات في قطاع الصحة.

وقد خُصص في موازنة العام المالي 2024-2025 نحو 125 مليار جنيه لقطاع الصحة، بزيادة نسبية عن الأعوام السابقة، لكن مع توجه واضح نحو إشراك القطاع الخاص في إدارة بعض المنشآت الصحية العامة.

 

إضعاف العدالة الصحية

حذر مقدمو الدعوى من أن تطبيق سياسات الخصخصة في قطاع الصحة قد يؤدي إلى تدهور جودة الخدمات في المستشفيات العامة المتبقية، ورفع تكاليف العلاج على المواطنين.

وأشارت الدكتورة منى مينا في تصريحات صحفية في أبريل 2025 إلى أن "الخصخصة ليست مجرد بيع لمباني، بل هي بيع لحق المواطن في العلاج المجاني".

ويخشى المراقبون أن يؤدي انسحاب الدولة من مسؤولياتها الصحية إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الحصول على العلاج المناسب.

 

من المستفيد؟!

من الواضح أن المستفيد الأساسي من خصخصة المستشفيات هو القطاع الخاص، الذي سيحصل على فرص استثمارية جديدة في إدارة وتشغيل منشآت صحية كانت تديرها الدولة.

وقد أشار تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مارس 2025 إلى أن ما لا يقل عن 42 شركة تعمل في القطاع الصحي أبدت استعدادها للمشاركة في إدارة مستشفيات عامة، ضمن خطة الدولة للشراكة مع القطاع الخاص.

كما أبدت مؤسسات تمويل دولية، مثل البنك الدولي، دعمها لهذه الخطوات، معتبرة أنها ضرورية لتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي.

 

هل هي خطة الدولة؟

تجدر الإشارة إلى أن حكومة الانقلاب قد أبدت رغبتها في خصخصة بعض القطاعات الحكومية ضمن خطة إصلاح اقتصادي تشمل العديد من المجالات، وقد أثيرت العديد من النقاشات حول خطة الدولة الخاصة بخصخصة المستشفيات العامة، حيث يعتقد البعض أن هذه الخطوة قد تكون جزءًا من أجندة أوسع تهدف إلى تقليص دور الدولة في تقديم بعض الخدمات الأساسية.

 

ما موقف المجلس الأعلى للصحة؟

من جهة أخرى، أعلن المجلس الأعلى للصحة في أكثر من مناسبة عن دعمه لتطوير النظام الصحي، لكن دون أن يتضح تمامًا ما إذا كان سيؤيد أو يعارض خصخصة المستشفيات العامة في ظل هذه الدعوى.

يترقب الجميع القرار الذي ستصدره محكمة القضاء الإداري في الخامس من أغسطس 2025، إذ سيكون له تأثير كبير في شكل النظام الصحي في مصر خلال السنوات القادمة.

 

خاتمة..

يظل الملف الصحي في مصر محط اهتمام واسع، وسط جدل مستمر حول سياسات الحكومة في خصخصة المستشفيات العامة، وتأتي الدعوى المرفوعة ضد الحكومة لتثير تساؤلات عديدة حول مستقبل الرعاية الصحية في مصر، في انتظار حكم القضاء في أغسطس 2025، يبقى المواطن المصري في قلب هذا النقاش، حيث يؤثر القرار النهائي على حياته اليومية وتوفير الرعاية الصحية التي يحتاجها.