سلّط تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية الضوء على استشهاد الطفلة يقين حمد، أصغر مؤثرة في غزة، التي قُتلت ليل الجمعة في قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلتها في حي البركة وسط دير البلح. عاشت يقين حياتها وسط الحروب، لكنها لم تتوقف عن الابتسام أو نشر الأمل، وحرصت على مشاركة متابعيها بأساليب للتكيف مع ظروف الحصار والقصف، مثل الطهي دون غاز.
كتبت في أحد منشوراتها: "أحاول أن أزرع الفرح في قلوب الأطفال كي ينسوا الحرب". تفاعل عشرات الآلاف مع محتواها، خصوصًا الأطفال الذين وجدوا في كلماتها عزاء وأملًا. بعد انتشار نبأ استشهادها يوم الإثنين، انهالت رسائل الحزن والتكريم من النشطاء والمتابعين والصحفيين.
كتب أحدهم: "بدلًا من أن تكون على مقعد الدراسة، كانت تساعد الآخرين وتنشر الوعي. لا توجد كلمات تصف هذا الفقد".
ساهمت يقين وشقيقها محمد حمد، العامل الإنساني، في تقديم الطعام والألعاب والملابس للعائلات النازحة ضمن نشاطهما في مؤسسة "عُونا" الخيرية المحلية. زارا مخيمات الإيواء، وحرصت يقين في كل زيارة على توزيع الابتسامات والأمل على الأطفال.
وصفها الصحفي هاني أبو رزق، زميلها في المؤسسة، بأنها صاحبة "روح مبادرة ومحبة للخير، لا تتردد في تقديم الدعم للأطفال، تنشر التفاؤل رغم الواقع الصعب". تميّزت مقاطعها على وسائل التواصل بصدقها، وأظهرت معاناة أطفال غزة تحت الاحتلال. في أحد منشوراتها الأخيرة، كتبت: "اليوم أدخلنا الفرح على قلوب الأيتام بتوزيع ملابس جديدة".
رغم أهوال الحرب، رقصت يقين وابتسمت وقدّمت المثلجات للأطفال، ودعت الله معهم. في 15 مايو، نشرت فيديو على إنستغرام قالت فيه: "رغم الحرب والإبادة، جئنا لنرسم البسمة على وجوه الأطفال".
وعلقت: "هل هناك أجمل من ابتسامة طفل من غزة؟".
في منشور آخر بتاريخ 29 أبريل، شرحت كيفية الطهي بالحطب حين انقطع الغاز، قائلة: "هل قطعوا الغاز؟ نحن صنعنا غازنا. وضعنا الخشب وأشعلنا النار وطبخنا كل شيء عليها. غزة تقول: لا للمستحيل".
في 15 مارس، دخلت خيمة شقيقها وهي تحمل باقة ورد وغنّت له "عيد ميلاد سعيد"، مجسّدة روحًا طفولية أصرّت على الحياة وسط الركام.
قال أبو رزق: "رغم الصدمة، هذه هي حقيقة الاحتلال. يقين واحدة من آلاف الأطفال الذين استُشهدوا في هذه الإبادة". نشر المصوّر عمرو تباش مقطعًا مؤثرًا لليقين خلال نشاطاتها، وكتب: "يقين استُشهدت، لكن اليقين في قلوبنا أن أطفال غزة هم نبض الإنسانية وصوت في وجه الصمت العالمي".
أشاد محمد القدري، متطوع في منظمة "أطباء مسلمون من أجل الإنسانية"، بروحها قائلاً: "كانت طفلة تحمل حبًّا كبيرًا للخير وروحًا مبادرة، تبث الأمل في من حولها".
استشهدت يقين في موجة غارات جوية ضربت مناطق مختلفة في غزة، أودت بحياة تسعة من أبناء طبيب أطفال، ما أثار استنكارًا عالميًا. صعّدت إسرائيل هجماتها الجوية، وأودت غاراتها يوم الإثنين بحياة 52 فلسطينيًا، بينهم 31 لاجئًا في مدرسة استُخدمت كمأوى. يوم الأحد، قتلت الغارات 38 آخرين، ليرتفع عدد الشهداء إلى أكثر من 100 خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ذكرت وزارة الصحة في غزة أن عدد الشهداء منذ بدء الهجوم الإسرائيلي عام 2023 تجاوز 54 ألفًا، بينهم 16,503 أطفال. وفق إحصائية جديدة، بلغ عدد الأطفال الشهداء: 916 رضيعًا، و4,365 بين عام وخمسة أعوام، و6,101 بين ستة واثني عشر عامًا، و5,124 بين ثلاثة عشر وسبعة عشر عامًا.
هكذا ترحل يقين، الطفلة التي أرادت أن تصنع الفرح وسط الرماد، وتترك وراءها أثرًا من نور يفضح ظلمة الحرب، كما نقلت الجارديان في تقريرها.
https://www.theguardian.com/world/2025/may/26/gazas-youngest-influencer-aged-11-among-children-killed-by-israeli-strikes