شهدت العلاقة بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين تدهوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، حيث بدأ ترامب يفكر جدياً في فرض عقوبات على روسيا بسبب استمرار الهجمات الروسية على أوكرانيا وبطء مفاوضات السلام.
يدرس ترامب فرض عقوبات جديدة قد لا تشمل القطاع المصرفي، لكنها تهدف إلى الضغط على موسكو لتقديم تنازلات، منها وقف إطلاق نار لمدة 30 يوماً تدعمه أوكرانيا ورفضته روسيا طويلاً.
يأتي هذا التغير في موقف ترامب بعد فترة من التقارب بين الطرفين، حيث كان ترامب قد وصف بوتين بالرجل العظيم وأبدى رغبة في تحسين العلاقات منذ توليه الرئاسة عام 2017، مستنداً إلى علاقته الشخصية مع بوتين واستثمارات روسية دعمت مشاريعه العقارية.
أسباب التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا في 2025
تعود أسباب التوتر الحالي إلى استمرار الحرب في أوكرانيا التي دخلت عامها الرابع، حيث ترفض روسيا وقف إطلاق النار وتواصل العمليات العسكرية، مما يثير استياء إدارة ترامب التي كانت قد وعدت بإنهاء الصراع سريعاً، كما أن هناك خلافات عميقة حول المفاوضات التي لم تحقق تقدماً ملموساً، مما دفع ترامب إلى التفكير في التخلي عن جهود السلام إذا لم تنجح المحاولة الأخيرة.
من جهة أخرى، هناك تحركات تشريعية في الكونغرس الأمريكي، مثل مشروع قانون لفرض عقوبات صارمة على روسيا تشمل تعرفة جمركية بنسبة 500% على واردات الطاقة من الدول التي تشتري النفط والغاز الروسي، وهو مشروع يحظى بدعم واسع وقد يتجاوز الفيتو الرئاسي.
مآلات توتر العلاقات بين الدولتين
التوتر الحالي بين الولايات المتحدة وروسيا يحمل تداعيات كبيرة على الساحة الدولية، حيث قد يؤدي إلى تصعيد عسكري أو انسحاب الولايات المتحدة من جهود السلام، مما يطيل أمد الحرب في أوكرانيا ويزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية.
كما أن استمرار الخلافات يعقد فرص التعاون في ملفات أخرى مثل الأمن النووي ومكافحة الإرهاب، ومع ذلك، لا تزال هناك محاولات دبلوماسية لتحسين العلاقات، حيث من المتوقع زيارة مبعوث ترامب إلى موسكو للقاء بوتين، في محاولة لإعادة بناء جسور الحوار.
من جانب آخر، تستمر روسيا في تعزيز تعاونها مع الصين، مما يزيد من تعقيد المشهد الدولي ويحد من قدرة الولايات المتحدة على فرض هيمنتها.
استفادة الدولتين من علاقتهما رغم التوتر
على الرغم من التوترات، تستفيد كل من روسيا والولايات المتحدة من علاقتهما بشكل غير مباشر، فروسيا تستفيد من تحركات ترامب التي تميل إلى تقليل الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا، مما يمنحها هامشاً أكبر في الصراع، كما أن التعاون الروسي الصيني يعزز من موقف موسكو اقتصادياً وعسكرياً في مواجهة الضغوط الغربية.
أما الولايات المتحدة، فتسعى من خلال سياساتها إلى إضعاف الصين عبر تقارب مؤقت مع روسيا، وهو ما يفسر بعض مواقف ترامب التي تقلل من تحميل روسيا مسؤولية الحرب في أوكرانيا، كما أن ترامب يرى في تقليل التوتر مع روسيا فرصة لتقليل الإنفاق العسكري الأمريكي الذي بلغ حوالي 120 مليار دولار خلال ثلاث سنوات لدعم أوكرانيا.
هل ينعكس هذا التوتر على مصر؟!
فيما يخص تأثير هذا التوتر على العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر، لا توجد مؤشرات مباشرة على تأثر العلاقات الثنائية بشكل سلبي، فمصر تحافظ على علاقات متوازنة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا، وتسعى إلى الاستفادة من الدعم السياسي والاقتصادي من الجانبين.
ومع ذلك، قد تؤثر التوترات بين واشنطن وموسكو على ملفات إقليمية مشتركة مثل ملف ليبيا وسوريا، حيث تتداخل مصالح الدولتين في المنطقة، كما أن أي تغيير في السياسات الأمريكية تجاه روسيا قد ينعكس على تحالفات مصر الإقليمية، لكنها إلى الآن تحافظ على علاقات مستقرة مع الطرفين.
تصريحات سياسية بارزة حول الأزمة
أعرب ترامب في تصريحات حديثة عن إحباطه من بوتين، قائلاً: "إنه يقتل الكثير من الناس، لا أعلم ما خطبه، ما الذي حصل له بحق الجحيم؟".
في المقابل، وصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض موقف ترامب بأنه "كان واضحاً في رغبته برؤية اتفاق سلام يتم التفاوض عليه، مع احتفاظه بكل الخيارات على الطاولة".
من جهة أخرى، انتقد الرئيس السابق جو بايدن سياسات ترامب تجاه روسيا واصفاً إياها بـ"الاسترضاء الحديث"، محذراً من خطورة اقتراح ترامب بأن تتنازل أوكرانيا عن أراضٍ لروسيا.
أما من الجانب الروسي، فقد أكدت المتحدثة استمرار الجهود الدبلوماسية رغم التحديات الكبيرة.
وفي تطور مفاجئ، أشار مسؤولون أمريكيون إلى أن ترامب لا ينوي فرض عقوبات صارمة على روسيا بعد محادثته مع بوتين، معتبراً أن العقوبات لم تحقق نتائج ملموسة ولن تخدم مصالح الولايات المتحدة.
الخلاصة..
هذا التقرير يعكس تعقيدات العلاقات الأمريكية الروسية في 2025، حيث تتداخل المصالح الاقتصادية والاستراتيجية مع التوترات السياسية، مما يجعل مآلات هذه العلاقة غير واضحة، مع تأثيرات محتملة على المنطقة والعالم.