نشر موقع الجارديان يوم 27 مايو 2025 تقريرًا يعرض شهادات لصحفيين يعملون في مناطق النزاع، حيث يخاطرون بحياتهم لنقل ما يحدث في أماكن يغيب عنها القانون وتسودها الفوضى والعنف.

 

الكونغو الديمقراطية: "قضيت خمسة أيام لا أغادر المنزل"

في شمال كيفو شرق الكونغو، غطى الصحفي ستيفن، البالغ من العمر 39 عامًا، معظم الصراعات التي اندلعت هناك. خلال هجوم شنّه الجيش عام 2013 ضد متمردي M23، واجه قصفًا كثيفًا ورأى بعينيه الموت يملأ الشوارع وعيون الجنود. بعد مشاركته في تغطية المعارك من مواقع الجيش، تلقى تهديدات مباشرة من المتمردين. اتصلوا به وأخبروه بأنهم يعرفون أنه كان إلى جانب القوات الحكومية وأنهم سيطاردونه. عاش خمسة أيام في خوف داخل منزله، لا يجرؤ على الخروج. خاف على أسرته، ورفض تركهم رغم توسلات زوجته باللجوء إلى منطقة أكثر أمانًا.

دُمّر المشهد الإعلامي في جوما. سيطر المتمردون على وسائل الإعلام المحلية، وتوقف كثير من الصحفيين عن العمل خشية الاستهداف. تحول العمل الصحفي إلى نشاط سري، فاضطر ستيفن إلى حذف مقالاته القديمة ومحو حضوره الرقمي. رغم كل ذلك، يواصل عمله بدافع من شغفه الحقيقي بالمهنة، على أمل أن يعمّ السلام ويستعيد الصحفيون حريتهم في الكتابة عن قضايا الحياة لا الحرب.

 

المكسيك: "عانقت زوجتي وأطفالي دون أن أعرف متى سأعود"

عمل دانيال أكثر من عشر سنوات صحفيًا في ولاية سينالوا، معقل كارتل المخدرات الشهير. تصاعدت المخاطر مؤخرًا، إذ يُختفى سبعة أو ثمانية أشخاص يوميًا. يروي دانيال كيف أوقفه رجال مسلحون في كولياكان عام 2023 أثناء تغطيته لاعتقال نجل إل تشابو، وصوبوا السلاح إلى رأسه بعد أن تأكدوا من كونه صحفيًا، ثم صادروا معداته. قضى بعدها أيامًا مختبئًا في فندق، تحت مراقبة العصابة، حتى ساعده أحد السكان على الهروب.

لاحقًا، غادر سينالوا إلى يوكاتان بناء على نصيحة وحدة حماية الصحفيين. عانق أسرته الصغيرة وخرج باكيًا دون أن يعرف متى يعود. رغم الضغوط العائلية للبحث عن عمل أكثر أمنًا، اختار الاستمرار، لكنه غيّر زاوية تغطيته، مبتعدًا عن تغطية العصابات ليركز على ضحاياهم. قراره بالاستمرار تأثر بولادة طفله الأول، إذ أصبح أكثر حرصًا على الحياة العائلية، لكنّه لا يزال يؤمن بأن رواية الحقيقة ضرورة لا غنى عنها.

 

السودان: "لو لم نخاطر... لما عرف أحد هذه الحرب"

يعمل عمار عوض مراسلًا ومساعدًا لوسائل إعلام دولية منذ اندلاع الحرب في السودان عام 2023. أثناء زيارته لمعسكر نازحين في بورتسودان، تعرّف عليه أطفال من حيّه السابق في أم درمان، حيث فقدت عائلاتهم كل شيء. رغم إلحاح أسرته المقيمة في مصر على التوقف، يواصل عمله قائلًا: إذا لم نتحمل هذه المخاطر، لن يسمع أحد أصوات الضحايا.

في أحد المشاهد المروعة، شهد عمار وفاة أحد الجرحى في مستشفى أم درمان قبل إدخاله غرفة العمليات. ما زالت تلك اللحظة تطارده. ومع ذلك، يشعر بقيمة ما يفعله حين تخبره فتاة صغيرة بأنهم حصلوا أخيرًا على خيمة أو طعام من المنظمات. لكن الألم يتجدد حين تسأله: "متى نعود إلى بيتنا؟" دون أن يجد جوابًا.

 

ميانمار: "لا يوجد مكان آمن"

بعد الانقلاب العسكري في ميانمار عام 2021، أُدرجت القناة التي يعمل بها رار را على القائمة السوداء، فهرب بعض زملائه إلى الخارج، بينما عاد هو إلى موطنه في ولاية كاشين. يواصل التغطية من قلب مناطق سيطرة الجيش، يكتب عن جرائم الحرب والغارات التي تقتل الأطفال، ويعيش تحت المراقبة المستمرة.

يمحو كل ملاحظاته بعد إرسال التقارير إلى محرره، ويستعد دومًا للهروب، إذ نجا مؤخرًا من حملة تفتيش بحثًا عن صحفيين في حيّه. يعاني في الوصول إلى المناطق المتأثرة بالحرب بعد قطع الإنترنت منذ عام، وتفاقمت الأزمة بقطع المساعدات الأمريكية، ما أجبر كثيرين على ترك الصحافة. رغم ذلك، يصر على الاستمرار، مؤمنًا بأن هذه الجرائم لن تصل إلى العالم إن هو صمت.

https://www.theguardian.com/global-development/2025/may/27/they-told-me-that-theyd-hunt-me-down-journalists-on-how-they-survive-working-in-war-zones