في الوقت الذي سارع فيه إعلاميين مقربين من النظام وعلى رأسهم عمرو أديب، للاحتفاء بظهور عالم الآثار الشهير الدكتور زاهي حواس في برنامج "ذا جو روجان إكسبيرينس" -أحد أشهر برامج البودكاست في العالم- جاءت تصريحات مقدم البرنامج جو روجان نفسه لتفجر مفاجأة صادمة، واصفًا الحلقة بأنها "الأسوأ في تاريخه"، ما أثار جدلًا واسعًا على مواقع التواصل وبين المهتمين بعلم المصريات والإعلام الدولي.
احتفاء إعلامي مصري: "حملة ترويجية لمصر"
ظهر الدكتور زاهي حواس في البرنامج الذي يتابعه عشرات الملايين حول العالم، واحتفى الإعلامي عمرو أديب بهذه الخطوة باعتبارها "فتحًا إعلاميًا كبيرًا لمصر"، قائلاً: "من يظهر مع جو روجان فهو بالتأكيد شخص هام وعظيم... ما قام به زاهي حواس يعادل حملة إعلانية كاملة لزيارة مصر كنت ستدفع فيها ملايين الدولارات".
أديب أشار إلى أن الحلقة حققت أكثر من مليون مشاهدة على يوتيوب، ووصفها بأنها لحظة فارقة جعلت من حواس "حديث العالم"، مستشهدًا بتفاصيل اللقاء الغريبة مثل "الأناقة التي يدخن بها السيجار"، واصفًا حواس بأنه "العظيم" و"العبقري".
الحقيقة على لسان روجان: "أسوأ ضيف على الإطلاق"
ورغم هذا التمجيد، فإن جو روجان نفسه له رأي آخر تمامًا، حيث وصف الحلقة -خلال حواره مع لاعب كرة القدم الأمريكي آرون رودجرز- بأنها "ربما كانت أسوأ حلقة بودكاست قدمتها على الإطلاق".
وأضاف روجان ساخرًا: "لكنها قد تكون جيدة أيضًا".
ووصف روجان حواس بأنه "رجل ضيق الأفق" بدا وكأنه "يحرس المعرفة عن مصر"، مشيرًا إلى أن حواس كان يقاطع كثيرًا، ويرفض معظم الأسئلة، ويكتفي بالرد: "هذا مذكور في كتابي".
كواليس الظهور.. وساطة جراهام هانكوك
كشف روجان أن حواس لم يكن ضيفًا عابرًا، بل جاء ظهوره بعد وساطة من الكاتب البريطاني المثير للجدل جراهام هانكوك، المعروف بنظرياته الخارجة عن السائد في علم الآثار.
وقال روجان: "جراهام قال لي إن حواس أصبح صديقًا له ويريد الظهور في البرنامج... فقلت أحضره!".
وأكد حواس بدوره في مداخلة مع برنامج "الحكاية" أن هانكوك تواصل معه منذ عام لإقناعه بالمشاركة، وأن الحلقة تمثل "أكبر لقاء قام بتسجيله".
هجوم حاد من الجمهور وخبراء التاريخ
ما إن نُشرت الحلقة حتى انفجرت التعليقات الناقدة على يوتيوب، حيث وصف كثيرون أداء حواس بـ"المتعالِ والمتحفظ"، فيما رآه آخرون "أكبر مانع للبحث الحر في تاريخ مصر".
علق أحد المتابعين: "إنه الرجل رقم 1 في منع أي شخص من البحث في تاريخ مصر القديمة". وكتب آخر ساخرًا: "يجب أن يبدأ زاهي حواس ونيل ديجراس تايسون بودكاست بعنوان ‘دعني أنهي’".
وأثارت الحلقة انتقادات واسعة، خاصة أن حواس لم يعطِ إجابات وافية على كثير من الأسئلة، بل كان يكرر جملة "مذكور في كتابي"، ما جعله يبدو متحفّظًا إلى حد الغموض.
بين صورتين متناقضتين: أسطورة في إعلام السيسي.. وخيبة أمل عالميًا
الحلقة كشفت عن التناقض الحاد بين رؤية إعلام السيسي، الذي سارع لتلميع الحدث وتقديمه كإنجاز وطني، وبين الرؤية العالمية التي وجدت في ظهور حواس فرصة ضائعة لحوار عميق مع شخصية يُفترض أن تكون بوابة لفهم أعظم حضارات التاريخ.
وفي حين صوّر إعلام السيسي الحلقة على أنها نجاح مبهر، جاءت تصريحات روجان وتقييم الجمهور العالمي لتنسف هذه الرواية من جذورها.