قررت نيابة أمن الدولة العليا، الأحد الماضي 25 مايو 2025، إخلاء سبيل الإعلامية والصحافية رشا قنديل، بعد تحقيقات مطوّلة استمرت قرابة 8 ساعات، بكفالة مالية قدرها 50 ألف جنيه في القضية رقم 4196 لسنة 2025 حصر أمن دولة، على خلفية اتهامات تتعلق بنشر أخبار كاذبة والتحريض ضد الدولة.
سلسلة بلاغات من لجان إلكترونية موالية للنظام
وتأتي هذه التحقيقات عقب تلقي النيابة 31 بلاغاً مقدماً ضد قنديل من عدد من المواطنين – وتقول مصادر حقوقية إن أغلبهم على صلة بما يعرف بـ"اللجان الإلكترونية المؤيدة لعبد الفتاح السيسي" – تتهمها بتعمد "الإساءة لسمعة الدولة ونشر الشائعات المغرضة"، في ما وصفه متابعون بأنه "استهداف سياسي" يرتبط بزواجها من المعارض البارز والمرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي.
التحقيق بسبب مقال "هل مصر على شفا انفجار؟"
بحسب ما نقل المحامي خالد علي، أحد أعضاء هيئة الدفاع، فقد تم استدعاء قنديل رسميًا من قبل نيابة أمن الدولة للتحقيق في مقالات صحافية نشرتها مؤخرًا، وعلى رأسها مقال بعنوان "هل مصر على شفا انفجار؟"، الذي نُشر عبر منصة رقمية ولاقى انتشارًا واسعًا بين جمهور القرّاء في الداخل والخارج.
وأظهرت التحقيقات أن الاتهامات تستند إلى تحريات من قطاع الأمن الوطني، اعتبرت أن مقالات قنديل "تسهم في بث روح اليأس والتحريض"، رغم خلوها من أي دعوات مباشرة للعنف أو التحريض.
تضامن واسع في الوسط الصحافي والحقوقي
أثار استدعاء قنديل ومثولها أمام النيابة موجة واسعة من التضامن بين الصحافيين والحقوقيين داخل مصر وخارجها. وتحوّلت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة دعم، عبّر فيها الكثيرون عن خشيتهم من تزايد القيود على حرية التعبير، وملاحقة الأصوات المستقلة.
وقالت قنديل، في أول تعليق لها عقب قرار النيابة، عبر منشور أعادت منصة "المنصة" نشره: "تلقيت استدعاء نيابة أمن الدولة باعتباره أشرف خطاب وصلني في حياتي، وسأظل ملتزمة بمهنيتي رغم الضغوط".
انقسام في الرأي العام: حرية تعبير أم تجاوزات إعلامية؟
لكن القضية لم تمر دون أصوات مضادة، حيث اعتبر بعض الموالين للسلطة أن البلاغات "ليست سوى ممارسة لحق قانوني في مواجهة تجاوزات إعلامية تضر بالأمن القومي"، وهو ما رفضه آخرون باعتباره "ذريعة لتكميم الأفواه".
الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل وصف الواقعة بأنها "إرهاب قانوني"، وقال: "كل التضامن مع الإعلامية الكبيرة د. رشا قنديل بعد ممارسة الإرهاب والبلطجة معها، واستدعائها أمام نيابة أمن الدولة، رغم الإعلان عن انتهاء حالة الطوارئ".
حضور لافت لمحامين بارزين أمام النيابة
شهدت جلسة التحقيق حضور فريق قانوني كبير، ضمّ نخبة من المحامين المعروفين في قضايا حرية التعبير، من بينهم: طارق خاطر، نبيه الجنادي، إسلام سلامة، ندى سعد الدين، هالة دومة، محمود حيدر، إسراء الكردي، وخالد علي، الذين أكدوا أن قنديل أجابت عن كل الأسئلة بشفافية كاملة.
وأكد خالد علي أن موكلته "لم ترتكب أي جرم سوى ممارسة عملها الصحافي المهني، في إطار الدستور والقانون".