كشفت مصادر مصرية وقطرية مطلعة على مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، عن تحركات إماراتية تهدف إلى إعادة تأهيل قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، لدى الإدارة الأمريكية، عبر عرض مفاجئ يقضي باستعداده لتوطين مئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين من قطاع غزة في المناطق الخاضعة لسيطرته في السودان.

التحركات التي وُصفت بأنها "جزء من جهود إماراتية لتسويق حلفائها الإقليميين"، تأتي في ظل ضغوط أمريكية وإسرائيلية متزايدة لإيجاد حلول لما تسميه تل أبيب "التفريغ السكاني لغزة"، وهي الخطة التي تُواجه برفض عربي ودولي واسع، ويُنظر إليها كخطوة نحو تصفية القضية الفلسطينية.
 

عرض حميدتي.. توطين مقابل شرعية
   
وفقًا لمصدر قطري فإن دقلو طرح خلال قنوات وساطة إماراتية استعداده لاستقبال لاجئين من غزة في عدد من مناطق دارفور وولايات غرب السودان، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، في مقابل دعم أمريكي يعيد إدماجه في المعادلة السياسية السودانية ويمنحه غطاءً دوليًا، بعد سلسلة من الهزائم الميدانية أمام الجيش السوداني.

الطرح يأتي في توقيت حرج بالنسبة لحميدتي، الذي يواجه تضييقًا عسكريًا في الخرطوم ودارفور، وخسارة متتالية لمراكز نفوذ أساسية أمام القوات المسلحة بقيادة عبد الفتاح البرهان، بالإضافة إلى موجة اتهامات دولية بانتهاك حقوق الإنسان وارتكاب "إبادة جماعية".
 

الرفض العربي والدولي
   
الدعوات الأمريكية المتكررة لتوطين سكان غزة خارج القطاع، والتي تصاعدت عقب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير الماضي حول تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، قوبلت بموجة رفض دولية قوية، ووصفتها منظمات حقوقية بأنها شكل من أشكال "التطهير العرقي".

وردًا على تلك الدعوات، أقرت القمة العربية الطارئة في القاهرة خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها، بميزانية قدرها 53 مليار دولار، تشمل توفير مساكن مؤقتة لـ 1.5 مليون فلسطيني داخل القطاع.
 

الإمارات والوساطة الرمادية
   
تكشف المصادر عن أن أبوظبي قادت، في الأسابيع الأخيرة، وساطة غير معلنة بين حميدتي ومسؤولين أمريكيين، بهدف تسويق فكرة التوطين في السودان كخيار بديل.
ووفقًا لمصدر مصري شارك في مفاوضات التهدئة، فإن واشنطن لم تستبعد الفكرة تمامًا، لكنها وصفتها بأنها "مسار معقد" نظرًا للوضع غير المستقر في السودان، إلا أنها "تبقي عليه كورقة بديلة محتملة".

في المقابل، أكدت المؤسسة العسكرية السودانية رفضها القاطع لهذا الطرح، وأبلغت وسطاء إقليميين بأنها "لن تكون جزءًا من أي مؤامرة على القضية الفلسطينية"، كما وصف مسؤول عسكري سوداني لم يُفصح عن اسمه.
 

محكمة العدل والملف السوداني
   
في السياق ذاته، تواصل التصعيد القانوني بين السودان والإمارات، بعد أن رفضت محكمة العدل الدولية شكوى قدمتها الخرطوم تتهم فيها أبوظبي بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية من خلال دعمها لقوات الدعم السريع، ورغم الرفض، فإن الحكومة السودانية مضت في تصعيدها، وقررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، ووصفتها بـ"الدولة المعتدية".

وكانت تقارير أممية ومنظمات حقوقية، بينها هيومن رايتس ووتش، قد وثّقت ارتكاب قوات حميدتي لانتهاكات واسعة ضد المدنيين في دارفور وجنوب السودان، تضمنت اغتصابات جماعية وعمليات قتل عشوائي، فيما فرضت واشنطن عقوبات مباشرة على حميدتي، واتهمته بـ"الإبادة الجماعية".