تتزايد المخاوف من مصير مأساوي يواجهه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب "مصر القوية" والمرشح الرئاسي السابق، في محبسه، بعد تدهور حالته الصحية المتكرر خلال السنوات الأخيرة، في ظل تجاهل مستمر من السلطات لمطالب أسرته ومحاميه بتمكينه من الرعاية الصحية المناسبة، أو حتى السماح له بالعلاج على نفقته الخاصة.
ففي أحدث حلقات الإهمال الطبي المتعمد، كشفت أسرة أبو الفتوح أن الرجل السبعيني تعرّض الأسبوع الماضي (منتصف مايو 2025) لأزمة قلبية جديدة استمرت 5 ساعات، دون أي تدخل طبي جاد، سوى منحه جرعات عشوائية من دواء موسّع للشرايين داخل زنزانته الانفرادية، مما يسلّط الضوء مجددًا على الخطر الداهم الذي يهدد حياته، وسط صمت مطبق من وزارة الداخلية والنيابة العامة.
نداءات متكررة بلا استجابة
ومنذ يوليو 2024 تقدّمت أسرة الدكتور أبو الفتوح بعدة بلاغات وطلبات إلى النائب العام تطالب بإخضاعه لفحوصات شاملة ونقله للمستشفى، في ظل معاناته المزمنة من أمراض القلب والسكري، والتهاب في الشعب الهوائية، بالإضافة إلى انزلاق غضروفي، وتضخم في البروستاتا يحتاج لتدخل جراحي، ورغم أن القانون ولائحة السجون يتيحان له تلقي العلاج خارج السجن، لم يُستجب لأي من هذه النداءات.
ويقبع أبو الفتوح، البالغ من العمر 73 عامًا، في سجن انفرادي منذ لحظة اعتقاله في فبراير 2018، إثر عودته من لندن بعد تصريحات تلفزيونية انتقد فيها الأوضاع السياسية وطالب بانتخابات نزيهة، وهي التصريحات التي لم تحمل أي دعوة للعنف أو التحريض، بل جاءت في إطار حرية التعبير المكفولة دستوريًا.
السجن بدل المستشفى
في شهادات متكررة، أكد نجل أبو الفتوح، حذيفة، أن إدارة السجن ترفض بشكل دائم نقله إلى مستشفى السجن أو السماح بخروجه للعلاج في أي مؤسسة طبية، حتى لو على نفقته الشخصية.
ويُمنع عنI أبسط حقوقه كسجين، مثل التريض أو أداء صلاة الجماعة أو دخول المكتبة، بل إنه محروم من التواصل مع أي من زملائه، ما يُفاقم معاناته النفسية والجسدية.
ويشير مراقبون إلى أن أبو الفتوح لم يُدان بأحكام نهائية، بل ظل طوال سنوات رهن الحبس الاحتياطي أو على ذمة قضايا تتعلق بـ"نشر أخبار كاذبة" و"الانضمام لجماعة إرهابية"، رغم كونه أحد السياسيين الذين نأوا بأنفسهم عن جماعة الإخوان المسلمين منذ سنوات.
الانتقام السياسي في ثوب قانوني
تُعد حالة عبد المنعم أبو الفتوح نموذجًا فجًا لما يصفه حقوقيون بـ"القتل البطيء في السجون"، حيث يُترك المعتقلون السياسيون، خصوصًا كبار السن، دون علاج مناسب حتى تتدهور أوضاعهم الصحية إلى درجة الخطر أو الوفاة، كما حدث في حالات عديدة خلال السنوات الأخيرة.
ويقول مصدر حقوقي إن "ما يتعرض له الدكتور أبو الفتوح يرتقي إلى مستوى الجريمة المتعمدة، وليس مجرد إهمال طبي. نحن أمام استخدام السجون كأداة للانتقام السياسي وإرهاب المعارضين، وهو ما يخالف الدستور والقانون والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر".
ويضيف المصدر أن "استمرار احتجازه في ظل هذه الحالة الصحية الحرجة هو إمعان في الإذلال والقتل البطيء. لا توجد أي مبررات قانونية لاستمرار حبس رجل سبعيني يعاني من عدة أمراض مزمنة، وقد قضى بالفعل أكثر من 7 سنوات خلف القضبان دون محاكمة عادلة".
العفو أو الموت
في وقت تتصاعد فيه الدعوات لإخلاء سبيل المعتقلين السياسيين من كبار السن، يبدو أن السلطات تتجاهل عمدًا هذه المطالب، حتى من داخل لجان "الحوار الوطني" أو لجان العفو الرئاسي، التي وعدت بتحسين مناخ الحريات وفتح المجال العام.
وتدعو جهات حقوقية محلية ودولية إلى الإفراج الفوري عن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، ووقف ما تعتبره "تعذيبًا غير مباشرًا يؤدي إلى إنهاء حياة المعتقلين ببطء"، لا سيما أن الرجل لم يُتهم بأي جرائم عنف، وكان طوال حياته داعيًا للانتقال الديمقراطي السلمي، حتى وهو ينتقد جماعة الإخوان التي خرج منها مبكرًا.