كشف تقرير نشره موقع ميدل إيست مونيتور بتاريخ 25 مايو 2025، أن بريطانيا رفضت ضغوطًا إسرائيلية لمساعدة الديكتاتور المصري حسني مبارك خلال أسوأ أزمة اقتصادية شهدتها مصر في منتصف الثمانينيات، رغم تحذيرات من أن ذلك قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وفقًا لوثائق بريطانية رفعت عنها السرية.

زار مبارك في يوليو 1986 كلًا من بريطانيا وفرنسا وألمانيا في جولة أوروبية عاجلة لحشد الدعم لموقف مصر في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي. أشارت تقارير بريطانية أُعدت خصيصًا لرئيسة الوزراء آنذاك، مارجريت تاتشر، إلى أن مبارك كان يسعى لإقناع القادة الأوروبيين بالضغط على الصندوق لتخفيف شروطه القاسية. ووصفت الوثائق هذه الشروط بأنها تهديد مباشر للاستقرار الداخلي في مصر.

عانت مصر في تلك الفترة من عجز في الموازنة بلغ 16% من الناتج المحلي، وبلغت نسبة التضخم 30%، بينما تخطى الدين الخارجي 50 مليار دولار، أي 150% من الناتج المحلي، مع متأخرات تفوق 10 مليارات دولار. قدّرت بريطانيا أن احتياطي النقد الأجنبي المصري لا يغطي سوى بضعة أيام من الاستيراد.

اضطر النظام المصري تحت ضغط الأزمة إلى اللجوء إلى صندوق النقد، الذي فرض شروطًا صارمة من بينها رفع أسعار الفائدة من 11% إلى 20% وتوحيد أسعار الصرف خلال عام واحد، ما أثار قلقًا بالغًا داخل دوائر الحكم في القاهرة.

توقعت السفارة البريطانية أن يسعى مبارك خلال جولته الأوروبية إلى كسب دعم سياسي غربي يهدف لتليين مواقف الصندوق. وأكد تقرير آخر من وزارة الخارجية البريطانية أن الغرب لا يستطيع إنقاذ مصر بالكامل، بل يمكنه فقط دعم جهودها الإصلاحية، مشددًا على ضرورة الموازنة الدقيقة بين الإصلاح الاقتصادي والاستقرار السياسي.

ذكرت الوثائق أن نظام مبارك كان عرضة لتحديات كبرى، أبرزها تصاعد التيار الإسلامي، وتراجع تحويلات المصريين من الخارج، والنمو السكاني السريع. ورأى واضعو التقرير أن أي صدمة إضافية قد تدفع البلاد نحو الفوضى، مما يهدد استقرار المنطقة بأكملها.

في هذا السياق، حاولت إسرائيل التدخل سياسيًا، إذ اتصل مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز بمدير مكتب تاتشر، مطالبًا بدعم مبارك اقتصاديًا حفاظًا على السلام بين مصر وإسرائيل، واصفًا مبارك بـ"الكنز الاستراتيجي". وكان بيريز يأمل أيضًا في حل النزاع حول طابا لتعزيز موقفه الداخلي ضد حزب الليكود.

خلال لقائه مع تاتشر، حذر مبارك من أن قبول شروط الصندوق دون تعديل سيؤدي إلى اضطرابات شعبية تشبه انتفاضة الخبز عام 1977، مشيرًا إلى أن البلاد تواجه أزمة حادة في سداد الديون. وطلب دعمًا في تنفيذ الإصلاحات بطريقة "حساسة"، إلا أن تاتشر أكدت له أن الاتفاق مع الصندوق ضروري لإصلاح الاقتصاد، وأبدت تعاطفًا مع وضع مصر، لكنها رفضت الضغط على ممثل بريطانيا في الصندوق لتغيير موقفه.

رغم تفهم لندن لخطورة الوضع، خلصت وزارة الخزانة البريطانية لاحقًا إلى أن الضغط على صندوق النقد لصالح مصر سيكون تصرفًا غير حكيم. وذكرت تقارير أن فرنسا اتخذت موقفًا مماثلًا، حيث ربطت أي مساعدات مستقبلية بالتوصل إلى اتفاق مع الصندوق.

انتهت وثائق ميدل إيست مونيتور إلى أن إسرائيل رأت في نظام مبارك شريكًا أساسيًا للحفاظ على السلام، إلا أن بريطانيا فضّلت الالتزام بنهج إصلاحي صارم، معتبرة أن الاستقرار طويل الأمد يتطلب معالجة جذرية للاختلالات الاقتصادية، حتى وإن تسببت على المدى القصير في توترات سياسية داخلية.

https://www.middleeastmonitor.com/20250525-uk-ignored-israeli-pressure-to-rescue-mubarak-during-egypts-worst-economic-crisis-despite-warnings-of-instability-in-the-middle-east-declassified-documents-reveal/