شكّلت الحكومة عبدالفتاح السيسي، لجنة وزارية "رفيعة المستوى" لدراسة مقترح قدمه رجل الأعمال والملياردير هشام طلعت مصطفى لتحويل ما يُعرف بـ"مربع الوزارات" في قلب القاهرة إلى منطقة سياحية متكاملة، تتضمن فنادق عالمية ومنشآت خدمية، استعدادًا لطرحها على القطاع الخاص، المحلي والأجنبي.
تحويل قلب الحكم إلى منتجع سياحي؟
يقع مربع الوزارات في منطقة شديدة الحيوية قرب شارع قصر العيني، ويضم مباني حكومية شديدة الرمزية، مثل مقر البرلمان القديم، مجلس الوزراء، وزارات التربية والتعليم، والصحة، والداخلية، إلى جانب مجمع التحرير والمجمع العلمي. كثير من هذه المباني مسجل كأثر تاريخي، وتحمل طابعًا معماريًا مميزًا يمثل مراحل مختلفة من تطور العمارة الحكومية.
لكن وفقًا لمصدر حكومي فإن المقترح الذي يقوده هشام طلعت مصطفى – عضو اللجنة الاستشارية الحكومية لتطوير السياحة – لا يرى في هذه المباني سوى فرصة ذهبية لإضافة 1300 غرفة فندقية جديدة إلى وسط البلد، في إطار خطة تستهدف "رفع الطاقة الاستيعابية للسياحة الوافدة وتقديم تجربة راقية تماثل تجارب العواصم الأوروبية".
هشام طلعت.. من السجن إلى صنع القرار
اللافت أن هشام طلعت، الذي حصل على عفو رئاسي بعد قتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، عاد بقوة إلى واجهة المشهد الاقتصادي والسياسي، وفي يناير الماضي، عيّنه رئيس الوزراء ضمن لجنة استشارية حكومية لتطوير السياحة، إلى جانب أسماء معروفة مثل كامل أبو علي وحسام الشاعر وحامد الشيتي.
وبحسب المصدر، فإن اجتماعًا حكوميًا ضم رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الاستثمار حسن الخطيب، ونائب رئيس صندوق التنمية الحضرية، شهد استعراضًا لمقترح هشام طلعت مصطفى بشأن تطوير مربع الوزارات، وطرحه لاحقًا على مستثمرين من القطاع الخاص، من ضمنهم محتملون من الخليج.
الدولة تفرّغ وسط القاهرة... وصندوق السيادي ينتظر
منذ أواخر 2021، بدأت الحكومة تنفيذ خطة تدريجية لنقل مقار الوزارات إلى العاصمة الإدارية الجديدة. ومع اكتمال نقل الموظفين والوزارات في 2024، أفسح ذلك المجال لما يشبه إعادة هيكلة عقارية لمنطقة وسط البلد.
في يناير 2024، أصدر عبد الفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا بإزالة صفة "النفع العام" عن أراضي ومباني 13 وزارة، ونقل ملكيتها لصندوق مصر السيادي، ما اعتبره مراقبون تمهيدًا لبيع هذه الأصول أو استثمارها بالشراكة مع القطاع الخاص.
وقد شرعت وزارة الاستثمار بالفعل في وضع خطة للاستغلال الأمثل لتلك الأصول، على أن تُطرح على مستثمرين مصريين وعرب وأجانب. وتشير تسريبات إلى أن كراسة الشروط الخاصة بتطوير المنطقة على وشك الصدور.
مخاوف من تكرار سيناريو الفنادق التاريخية
تُعيد هذه الخطوة إلى الأذهان صفقة بيع عدد من الفنادق التاريخية لمستثمرين من دولة الإمارات، ضمن خطة الدولة لخصخصة قطاع الفنادق، في مشهد أثار جدلاً واسعًا حول مصير التراث المعماري والفندقي المصري.
ويرى منتقدون أن هشام طلعت، الذي يتمتع بعلاقات اقتصادية وطيدة بالخليج، قد يكون "جسر عبور جديدًا" لهذه الاستثمارات، خصوصًا في ظل تعطّش صناديق الخليج لأصول عقارية في مواقع استراتيجية من العاصمة القديمة.