تقدم النائب عبد الهادي القصبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "مستقبل وطن"، المدعوم من الكتلة النيابية الموالية للحكومة، بمشروعي قانونين لتعديل قوانين تنظيم العملية الانتخابية، مدعومًا بتوقيعات أكثر من عُشر عدد أعضاء مجلس النواب، ومن أحزاب أبرزها "الشعب الجمهوري" و"حماة وطن" وعدد من النواب المستقلين وتنسيقية شباب الأحزاب، في خطوة أثارت ردود فعل متباينة وجدلاً سياسيًا واسعًا.

وتشمل التعديلات المقترحة تعديل قانون مجلس النواب، والقانون رقم 174 لسنة 2020 الخاص بتقسيم الدوائر الانتخابية، بالإضافة إلى مشروع قانون مماثل خاص بتعديل قانون مجلس الشيوخ، وسط اتهامات من المعارضة بمحاولة "تأميم كامل للحياة السياسية"، وتحويل الانتخابات المقبلة إلى "مجرد إجراء شكلي".

وقال رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، إنه تلقى رسميًا مشروعي القانونين، وأحالهما إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لدراستهما، تمهيدًا لعرضهما على الجلسة العامة للمجلس. وأعلن كذلك عن إحالة مشروع تعديل قانون الشيوخ إلى مجلس الشيوخ لإبداء الرأي فيه، بما يمهّد الطريق لتعديلات قد تغيّر شكل الخريطة الانتخابية لبرلمان 2026 بشكل جذري.
 

تفاصيل التعديلات المقترحة.. تكريس لنظام "القائمة المغلقة"
   وبحسب مصدر برلماني، فإن التعديلات تتضمن إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية ضمن نظام "القائمة المغلقة المطلقة"، مع الإبقاء على النظام المختلط المطبق في انتخابات 2015 و2020، والذي يجمع بين القوائم والفردي، وهو النظام الذي لطالما واجه انتقادات من قوى المعارضة.

فيما أوضح النائب أحمد عبد الجواد، نائب رئيس حزب مستقبل وطن، أن مشروع قانون تقسيم دوائر مجلس النواب يقترح تخصيص 284 مقعدًا للقائمة المغلقة المطلقة، موزعة على أربع دوائر، منها دائرتان لـ40 مقعدًا ودائرتان لـ102 مقعد.

أما بالنسبة لمجلس الشيوخ، فيقترح المشروع توزيع 100 مقعد للقوائم أيضًا على أربع دوائر، منها دائرتان بـ13 مقعدًا، ودائرتان أخريان بـ37 مقعدًا.

وأوضح عبد الجواد أن هذا التوزيع الجديد يستند إلى بيانات محدثة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والهيئة الوطنية للانتخابات لعام 2025، بهدف تحقيق "عدالة التمثيل"، بحسب قوله.
 

تجاهل توصيات الحوار الوطني.. والمعارضة تحذر من "نكسة ديمقراطية"
   التعديلات المطروحة تأتي بعد أقل من عامين من الجدل الذي دار في جلسات الحوار الوطني بشأن النظام الانتخابي، حيث تمسكت أحزاب الموالاة بنظام "القائمة المغلقة"، بينما دعت قوى المعارضة إلى اعتماد "القائمة النسبية" أو نظام مختلط يضمن تمثيلًا أكثر عدالة.

وكان مجلس أمناء الحوار الوطني قد أوصى في أغسطس 2023 بثلاثة خيارات بديلة: الإبقاء على النظام الحالي، أو تطبيق القائمة النسبية بالكامل، أو اعتماد نظام مختلط يجمع بين الفردي، القائمة المغلقة، والقائمة النسبية، بحيث يُخصَّص ثلث المقاعد لكل منها. إلا أن مشروع القانون الجديد تجاهل هذه التوصيات تمامًا.

وفي هذا السياق، قالت "الحركة المدنية الديمقراطية" في بيان رسمي، إن الإصرار على تطبيق نظام انتخابي "يُقصي المعارضة ويُهدر إرادة الناخبين" يمثل "نكسة ديمقراطية حقيقية" و"إلغاء للتعددية"، ويمهّد الطريق إلى "مؤسسات تشريعية ديكورية تعمل كأذرع تنفيذية للسلطة، لا تمثّل المواطن ولا تحاسِب السلطة التنفيذية".
 

ردود المعارضة.. الانتخابات تُدار من أجهزة الدولة
   قال طلعت خليل، المنسق العام للحركة المدنية، إن "تجاهل توصيات الحوار الوطني أثبت أن الحوار لم يكن سوى استعراض سياسي"، مشيرًا إلى أن التعديلات تعكس رغبة الدولة في احتكار الحياة السياسية ومنع أي تعددية حقيقية.

وأشار إلى أن الحركة ستعقد اجتماعًا خلال الأيام المقبلة لحسم موقفها النهائي من المشاركة في انتخابات البرلمان المقبل، مؤكدًا أنه "في حال قررنا المشاركة، فسنخوض الانتخابات بقائمة خاصة ومرشحين مستقلين في بعض الدوائر".

بدوره، قال عضو الحركة أكرم إسماعيل إن "هناك رغبة واضحة في تحويل الانتخابات إلى آلية شكلية لإعادة إنتاج نفس البرلمان"، معتبرًا أن "العملية الانتخابية تُدار فعليًا من خارج مؤسسات الدولة المنتخبة، والمواطن لم يعد يمتلك حق تقرير مصيره السياسي".

وشدد إسماعيل على أن الحركة المدنية "لن تدخل في أي تحالف انتخابي مع قوى موالية"، موضحًا أن مرشحي الحركة سيجمعون بين شخصيات ذات فرص تنافسية حقيقية، وآخرين يخوضون معارك رمزية تهدف إلى فضح المنظومة الحالية، على حد تعبيره.
 

انتخابات بلا ضجيج.. برلمان 2026 "نسخة مكررة"؟
   في ظل تراجع الحراك السياسي، وضعف المنافسة، وغياب الزخم الشعبي، تبدو الاستعدادات لانتخابات 2026 باهتة حتى الآن، وهو ما عبّر عنه أكرم إسماعيل بقوله: "هذه انتخابات ميتة، ولا أحد يتحدث عنها"، في إشارة إلى افتقاد العملية لأي اهتمام شعبي أو سياسي واسع.

وأكد أن البيئة السياسية الحالية لا تسمح ببرلمان فعّال، مستشهدًا بعدم فوز مرشحين بارزين مثل محمد فؤاد وأحمد الطنطاوي في الانتخابات السابقة، رغم شعبيتهم.