وجهت شركة "سيراميكا إينوفا" (الفراعنة سابقًا) بمحافظة الفيوم إنذارات بالفصل لنحو 45 عاملًا، بدعوى "عدم استجابتهم لاستدعاء العمل"، رغم أنهم كانوا في إجازة إجبارية فرضتها عليهم الشركة قبل أشهر، ولم تشملهم قرارات الاستدعاء الأخيرة، بحسب روايات عدد من العمال.
الشركة، التي تقع في منطقة كوم أوشيم الصناعية، كانت قد بدأت منذ مطلع العام الجاري سلسلة من الإجراءات التي يصفها العمال بـ"التصفية الجماعية"، شملت منح مئات العاملين إجازات إجبارية مقابل الراتب الأساسي فقط، وتسريح من يرفض، وإجبار العاملات على مغادرة المصنع دون مبرر واضح.
سياسة ممنهجة لتقليص العمالة
في مارس الماضي، أبلغت الإدارة نحو 350 عاملًا، بينهم 130 من ذوي الإعاقة، أنهم سيُمنحون إجازة مدتها 6 أشهر، يحصلون خلالها على الراتب الأساسي فقط، في وقت سرّحت فيه الرافضين لهذا القرار.
كما كانت قد أخرجت في يناير جميع العاملات وعددهن 57 عاملة في إجازة مماثلة. لاحقًا، تم إعداد قائمة بـ300 عامل آخرين لتسريحهم تباعًا، بحسب ما أكده العمال.
تقول إدارة الشركة إن هذه الإجراءات سببها تعثر مالي كبير، لكن العمال يرون فيها محاولة للتخلص من أكبر عدد ممكن من العاملين دون تعويضات عادلة أو التزام قانوني.
يقول أحدهم، رفض ذكر اسمه: "الشركة عايزة تتخلص من الناس بأقل كلفة، والإنذارات الأخيرة دي مجرد حيلة علشان يفصلونا من غير حقوق".
ويضيف: "إحنا ما جالناش أي استدعاء رسمي، وفوجئنا بإنذارات فصل بحجة الغياب عن العمل".
من إضراب يناير إلى موجة التسريحات
في 22 يناير الماضي، دخل عمال "إينوفا" في إضراب شامل للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة وتطبيق الحد الأدنى للأجور البالغ 6 آلاف جنيه، خاصة أن متوسط رواتبهم لا يتعدى 4 آلاف جنيه.
كما طالبوا بعودة أوتوبيسات نقلهم من أماكن إقامتهم، والتي أوقفت الشركة 75% منها، ما حمّل العمال أعباء إضافية دون بدل انتقال.
وبعد 7 أيام من الإضراب، قرر العمال تعليقه جزئيًا بعد صرف نسبة من الرواتب المتأخرة،
لكن الرد جاء سريعًا من الإدارة التي أخطرت جميع العاملات في اليوم التالي بالإجازة الإجبارية، قبل أن تتوالى قرارات النقل الإجباري والتسريح الجماعي بشكل متسارع خلال الشهور التالية.
صندوق الطوارئ يحمل العبء
منذ بداية العام، دخلت الحكومة على خط الأزمة عبر صندوق إعانات الطوارئ للعمال التابع لوزارة العمل، والذي بدأ بدفع 4 ملايين جنيه شهريًا من أجور العمال، مقابل 8 ملايين تتحملها الشركة.
ذلك جاء بعد سلسلة اجتماعات بين العمال ومسؤولين محليين أبرزهم نائب محافظ الفيوم، بحضور برلمانيين وأعضاء في أحزاب موالية للسلطة.
ورغم تدخل الصندوق، لم تتوقف الشركة عن إجراءاتها، بل ضاعفتها، في ظل ضعف الرقابة وغياب أي محاسبة لإدارتها التي تبرر التسريحات المتكررة بالأزمة المالية وارتفاع الديون.
التاريخ يعيد نفسه
ليست هذه المرة الأولى التي يواجه فيها عمال "سيراميكا الفراعنة" مثل هذه الأوضاع.
فمنذ تأسيس الشركة في أواخر الثمانينيات على يد رجل الأعمال محمد فوزي، سجل تاريخها محطات طويلة من الإضرابات والاحتجاجات، خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011، حينما انتفض العمال مرارًا للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية وحمايتهم من الفصل التعسفي.
لكن السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا كبيرًا في قوة الحراك العمالي، في ظل القبضة الأمنية والتشريعات المقيدة لنقابات العمال، ما جعل عشرات الآلاف عرضة للفصل دون أدنى حماية، كما هو الحال في "إينوفا" اليوم.