في وقت تتزايد فيه التحذيرات من استمرار وجود أدوية منتهية الصلاحية داخل الصيدليات والمخازن، طالبت شعبة الصيدليات بالاتحاد العام للغرف التجارية بتمديد فترة سحب تلك الأدوية من السوق لمدة ثلاثة أشهر إضافية، تبدأ من يونيو/حزيران المقبل، بعد أن كانت المهلة الرسمية تنتهي بنهاية مايو الجاري.

وقال الدكتور حاتم البدوي، أمين عام الشعبة وعضو اللجنة المعنية بسحب الأدوية التالفة، إن هناك كميات كبيرة لا تزال موجودة في السوق لم تتمكن شركات التوزيع من استلامها حتى الآن، رغم انطلاق المبادرة رسميًا قبل أكثر من ثلاثة أشهر.
 

مبادرة متأخرة.. وآلية مربكة
   وكانت هيئة الدواء المصرية قد أطلقت في سبتمبر 2023 مبادرة وطنية لسحب الأدوية منتهية الصلاحية، بالتنسيق مع المصانع وشركات التوزيع والصيدليات، لكنها لم تدخل حيّز التنفيذ فعليًا إلا في فبراير الماضي، عندما أصدرت الهيئة قرارًا رسميًا يُلزم جميع الشركات العاملة في قطاع الأدوية بسحب المرتجعات التالفة خلال 90 يومًا فقط.

وخصصت الهيئة نماذج إلكترونية لإدخال بيانات الكميات المطلوب سحبها، إلا أن تلك النماذج واجهت مشكلات تقنية حدّت من فعاليتها.
وأوضح البدوي أن النظام الإلكتروني كان في البداية يتيح إدراج 5 أصناف فقط في كل نموذج، ما عطّل من وتيرة تقديم البيانات، قبل أن يتم تعديل النظام لاحقًا ليقبل حتى 8 أصناف.
 

اتهامات متبادلة.. والشركات تتهرب
   ورغم أن الهيئة أعلنت في بيان لها هذا الشهر أن نحو 22,645 صيدلية قد شاركت حتى الآن في مبادرة السحب، وأسفرت عن إخراج 3.4 مليون عبوة من السوق، بالإضافة إلى 1.5 مليون عبوة أخرى قيد السحب، إلا أن الشكاوى تتصاعد من بطء تنفيذ القرار.

وكشف مصدر في هيئة الدواء أن بعض شركات التوزيع تتردد في استلام الأدوية التالفة، خشية أن تشمل أصنافًا تم تصنيعها سابقًا بنظام "التصنيع لدى الغير"، من قبل مستثمرين لم يعد لهم وجود في السوق، ما يحمّل هذه الشركات عبئًا لا يمكن تصريفه أو إرجاعه.

لكن مسؤولًا في واحدة من كبرى شركات التوزيع نفى تلك الاتهامات، مؤكدًا التزام الشركات بإجراءات السحب، دون توضيح أسباب البطء الملحوظ في التنفيذ.
 

أرقام مرعبة وتاريخ من الإهمال
   تشير التقديرات إلى أن نسبة الأدوية منتهية الصلاحية المتداولة في السوق تتراوح بين 1.5% إلى 2% من إجمالي حجم المبيعات السنوية، وهي نسبة تمثل خطرًا صحيًا جديًا، خاصة في ظل غياب رقابة صارمة على تداول هذه الأصناف في بعض المناطق النائية والأسواق غير الرسمية.

وفي يناير الماضي، قال رئيس شعبة الأدوية علي عوف إن هناك تجارة مزدهرة بالأدوية التالفة، متهمًا هيئة الدواء والشركات المصنعة بالتقاعس والمماطلة في تنفيذ عمليات السحب بشكل جاد.
 

ذاكرة السوق.. "غسيل" لم يتكرر منذ 2017
   نقيب صيادلة القاهرة محمد الشيخ ذكّر في تصريحات سابقة بأن آخر حملة شاملة لسحب الأدوية منتهية الصلاحية كانت عام 2017، حيث تم التوافق حينها على سحبها لمدة عام دون شروط.
لكنه استدرك قائلاً: "حتى في ذلك الوقت، لم تُسحب كل الأدوية، إذ سُحبت أصناف معينة، بينما تُركت أخرى"، ما سمح باستمرار المشكلة وتفاقمها.
 

مطالب مهنية وخطر مجتمعي
   تتخوف شعبة الصيدليات من أن يؤدي انتهاء المهلة الحالية دون تمديد إلى ترك كميات ضخمة من الأدوية التالفة في الأسواق، ما يفتح الباب أمام تسربها للسوق السوداء، أو إعادة تغليفها وتداولها بطرق غير شرعية، خاصة مع تزايد شكاوى المواطنين من أدوية مغشوشة أو بلا فعالية.