بعدما كشفت "نوال الدجوي" العضوة "البسيطة" التي لم يعرفها أحد قبل بلاغ قدمته بسرقة أموال من خزانة ببيتها وتضم نحو 3 ملايين دولار و350 ألف استرليني و150 مليون جنيه ونحو كليو ونصف كيلو ذهب، تساءل متابعون عن كيف تكون الثروة التي يضع السيسي يده عليها وتجعله بهذا العنف والقمع. 

منذ 2014، لم يتقدم قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بإقرار الذمة المالية الذي يفترض أنه يتقدم به عند استلامه "وظيفته" وفقا للدستور، وفي نهاية كل سنة، وعند تركه "الوظيفة"، لتكون الشفافية متحققة من تربح من منصبه أم يكتفي الشعب بهرتلة الشوارعيين "انا لو ينفع اتباع لاتباع" و"أنا صادق اوي وأمين اوي" كما يفترض أن يعلن إقرار الذمة المالية للمنقلب السيسي في الجريدة الرسمية.

وهذا لم يحدث حتى قبل 11 سنة، ولعل أقل مساوئ ذلك أنه صريح في مخالفته لنص الدستور، والذي أقسم مرات على حماية الدستور والعمل به.؟!

والمادة 145 من دستور السيسي، والتي سانده فيها اليسار والناصريين، والليبراليين، تلزم "رئيس" الجمهورية بتقديم إقرار الذمة المالية وعدم إنفاق المال العام في شراء أو استئجار عقارات أو خلافه، في الوقت الذي تباهي فيه السيسي في 2019 بأنه "بنى قصور من المال العام"، وظهر أنه قالها غاضبا، بعدما كشف المقاول محمد علي أنا ايا من أجهزة الدولة الرقابية لم تتدخل لمحاسبة السيسي على ذلك التحكم الشخصي في المال العام مستثنيا أي مؤسسات أخرى إلا بعد فضيحته.

وفي سبتمبر 2019 استعرضت (قناة الجزيرة مباشر ) تقريرا بعنوان : "أين إقرار الذمة المالية "للشريف والأمين والمخلص" #السيسي كما يصف نفسه؟...".

https://www.facebook.com/ajmubasher/videos/580274969177292/

إلا أن الفساد والتبعات الاقتصادية سيظلان يراكمان وستظل ثروات المسؤولين سرًا مغلقًا، بينما يعاني المواطن العادي من تبعات الفساد والاقتصاد المنهك.

الباحث محمد إبراهيم Mohamed Ibrahim قال: "اذا كان السيسي امين اوي وشريف اوي وصادق اوي ان شاء الله فلماذا لم يتم نشر اقرار الزمه الماليه الخاص به او حكومته او اعضاء مجلس الشعب او اعضاء المجلس العسكري ؟؟؟!!! إقرار الذمة المالية للسيسي ووزرائه: بين غياب الشفافية وشبهات الفساد".

وعن أهمية البراءة المالية أوضح "لماذا الذمة المالية مهمة؟ في أي دولة تحترم سيادة القانون وتؤمن بالشفافية، يُعتبر نشر إقرارات الذمة المالية  للمسؤولين العامين – بدءًا من الرئيس وصولًا إلى الوزراء وكبار الموظفين – إجراءً أساسيًا لمحاربة الفساد وضمان المساءلة. لكن في مصر، يظل هذا الملف غامضًا ومغلقًا مما يثير تساؤلات كبيرة حول ثروات المسؤولين ومصادرها، خاصة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية واتساع الفجوة بين الطبقة الحاكمة والشعب".

 

الوضع القانوني: نصوص حبر على ورق 

وينص الدستور المصري (المادة 97) على أن الموظفين العموميين ملزمون بتقديم إقرارات الذمة المالية للجهات الرقابية، كما يوجد قانون لمكافحة الكسب غير المشروع. لكن المشكلة تكمن فيبحسب "إبراهيم" هي في:

1 -  عدم النشر العلني لا يُطلب من المسؤولين الكشف عن أصولهم للجمهور، بل يتم تداول البيانات داخل أجهزة الدولة دون رقابة مستقلة

2 - غياب المحاسبة حتى لو كشفت الأجهزة الرقابية عن ثروات غير مبررة، نادرًا ما يتم محاسبة كبار المسؤولين

3 - القوانين المُعدلة لصالح النخبة التعديلات التشريعية الأخيرة (مثل حصانة بعض الجهات العسكرية من الرقابة) زادت من تعتيم الملف

 

لماذا يرفض النظام الكشف عن الذمة المالية؟

وأشار إلى أن السيسي يرفض الكشف عن إقرار الذمة المالية لعدة أسباب:

السبب الأول: الخوف من كشف ثروات غير مشروعة

وأوضح أنه "لو نُشرت الإقرارات، قد تظهر تعارض مصالح صارخ (مثل وزراء يمتلكون أسهمًا في شركات تتعاقد مع الحكومة)،؟ مضيفا أن "العديد من التقارير الدولية (مثل تلك الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية) تشير إلى أن بعض المسؤولين في مصر يمتلكون ثروات هائلة لا تتناسب مع رواتبهم الرسمية".

 

السبب الثاني:  حماية شبكة المصالح:

وأوضح أن "النخبة الحاكمة في مصر – سواء المدنية أو العسكرية –مترابطة بمصالح اقتصادية ضخمة، وكشف ذمة أحدهم قد يُسقط آخرين" مضيفا أن "هناك أمثلة على وزراء سابقين ورؤساء هيئات تمتلك مشاريع خاصة تعتمد على المال العام، دون أي محاسبة".

السبب الثالث: غياب الضغط الشعبي أو الإعلامي الحقيقي

وكشف أن تحت هذا السبب أن "الإعلام المصري مُسيطر عليه بالكامل ، ولا يجرؤ على المطالبة بمثل هذه الشفافية"، وأن "المعارضة السياسية مُقصاة أو ضعيفة، والأحزاب الموالية لا تطرح الموضوع أساسًا".

 

فارق صارخ

وبالمقارنة مع دول أخرى وجد الباحث محمد إبراهيم أن "الفارق الصارخ  مع دول عديدة، حيث يُعد نشر الذمة المالية إجراءً روتينيًا:

- تونس(قبل 2021): كانت تنشر إقرارات مسؤوليها، مما ساعد في كشف بعض قضايا الفساد

- الولايات المتحدة وأوروبا يخضع المسؤولون لتدقيق مالي علني، وقد يُحاكمون إذا اكتُشفت ثروات غير مبررة

- حتى بعض الأنظمة الاستبدادية تتبنى شكليات الشفافية لتحسين صورتها، بينما مصر تتجاهل حتى الإجراءات الشكلية..

وعن تبعات الفساد وغياب الشفافية المالية أكد أن يبساهم في:  

- استشراء الفساد: إذ يعرف المسؤولون أنهم لن يُحاسَبوا

- تفاقم الأزمات الاقتصادية لأن المال العام يُنهب بدل أن يُستثمر في البنية التحتية أو الخدمات

- انهيار الثقة بين الشعب والدولة مما يزيد السخط الاجتماعي، كما ظهر في موجات الغضب الأخيرة بسبب الغلاء

 

الأمل في التغيير؟

وفسحة الأمل واسعة أمام الضغط الدولي (مثل شروط صندوق النقد والبنك الدولي) قد يُجبر النظام على خطوات رمزية، لكن التغيير الحقيقي يتطلب

1 - ضغوطًا شعبية منظمة للمطالبة بالشفافية

2 - إعلامًا حرًا قادرًا على كشف الحقائق

3 - إصلاحات قانونية تلزم النشر العلني وتضمن المحاسبة

الفساد لا يزول بالصمت، بل بالكشف والمحاسبة."