تعاني مصر منذ الانقلاب العسكري في 2013، من أزمات اقتصادية متصاعدة، فسياسات السيسي الاقتصادية لم تحسن الأوضاع بل زادتها تعقيدًا، ومن أبرز مظاهر هذا الفشل إعادة إطلاق مشاريع سبق وأن فشلت، مثل مشروع "البتلو" والبورصة السلعية، ما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الخطوات في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تشهد تضخمًا مرتفعًا وتراجعًا في القدرة الشرائية للمواطنين.

 

مشروع البتلو.. استنزاف المليارات بلا نتائج

أُطلق مشروع "البتلو" في 2017 بهدف دعم صغار المربين وزيادة إنتاج اللحوم الحمراء محليًا، مع ميزانية تجاوزت 9 مليارات جنيه حتى فبراير 2025، رغم ضخ هذه الأموال، لم يحقق المشروع أهدافه، إذ ظلت أسعار اللحوم مرتفعة ولم تنخفض كما كان متوقعًا، ويُعزى الفشل إلى ارتفاع أسعار الأعلاف، ضعف الخدمات البيطرية، وعدم توفير سلالات محسنة، مما أدى إلى خسائر كبيرة للمربين وعجزهم عن سداد القروض المستحقة عليهم.

 

البورصة السلعية.. تجربة فاشلة تُعاد

أُعيد مؤخرًا إحياء مشروع البورصة السلعية الذي أُطلق في نهاية 2022 بهدف تنظيم تداول السلع الاستراتيجية مثل القمح والسكر والدرة، والحد من المضاربات، لكن التجربة توقفت بسبب ارتفاع الأسعار، غياب الشفافية، وهيمنة بعض التجار على السوق، مما أدى إلى توقف عمليات التداول في كثير من السلع، فإعادة إطلاق هذا المشروع دون معالجة جذور الفشل السابق يعكس استمرار سياسة اقتصادية غير فعالة.

 

إعادة تدوير المشاريع العملاقة الفاشلة

على مدار حكم السيسي العسكري، أُعلن عن مشاريع ضخمة مثل العاصمة الإدارية الجديدة، تفريعة قناة السويس، ومشروع المليون وحدة سكنية، لكنها لم تحقق العوائد الاقتصادية المتوقعة، بل أدت إلى استنزاف موارد الدولة وزيادة الديون الخارجية التي ارتفعت بشكل كبير، ما يفاقم أعباء الاقتصاد الوطني.

 

تصريحات النظام المتناقضة

تصريحات قيادات النظام تتسم بالتناقض، حيث يروجون لهذه المشاريع على أنها إنجازات كبرى، بينما تكشف الوقائع عن إخفاقات واضحة، مما يعكس غياب الشفافية والتخطيط السليم في إدارة الاقتصاد، ويزيد من حالة عدم الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية.

 

أسباب إعادة إطلاق المشاريع الفاشلة

يرى محللون أن إعادة إطلاق مشاريع فاشلة مثل البورصة السلعية والبتلو تهدف إلى تحقيق مكاسب إعلامية وسياسية، أو لتجميل المشهد الاقتصادي أمام الرأي العام والداعمين الدوليين، وتوجيه الأنظار بعيدًا عن الأزمات الاقتصادية المتفاقمة، كما تهدف هذه الخطوات إلى استرضاء فئات اجتماعية معينة دون تقديم حلول حقيقية وجذرية للمشكلات الاقتصادية، حيث لا توجد خطة اقتصادية واضحة أو استراتيجية تنموية حقيقية قادرة على معالجة المشكلات البنيوية.

ويمكن تلخيص الأسباب المحتملة لإعادة النظام العسكري افتتاح مشاريع فاشلة بعد سنوات من الإغلاق في عدة نقاط:

  • محاولة تجميل المشهد الاقتصادي: قد يكون الهدف هو إظهار أن الحكومة تعمل على تحسين الاقتصاد وتوفير فرص استثمارية جديدة، حتى لو كانت هذه المشاريع قد فشلت في الماضي.
  • الرغبة في إرضاء رجال الأعمال والمستثمرين: قد يكون هناك ضغوط من بعض رجال الأعمال أو المستثمرين لإعادة إحياء هذه المشاريع، بهدف تحقيق مكاسب شخصية أو سياسية.
  • عدم وجود رؤية اقتصادية واضحة: قد يعكس ذلك غياب رؤية اقتصادية واضحة لدى الحكومة، وعدم القدرة على إيجاد حلول مبتكرة وفعالة للمشاكل الاقتصادية.
  • الرغبة في استغلال الموارد المتاحة: قد يكون هناك رغبة في استغلال الموارد المتاحة، حتى لو كانت هذه الموارد محدودة أو غير كافية لتحقيق النجاح.
  • محاولة إثبات النجاح: قد يكون هناك رغبة في إثبات أن هذه المشاريع يمكن أن تنجح في ظل الإدارة الحالية، حتى لو كانت الظروف الاقتصادية غير مواتية.

 

فشل متكرر في مشاريع الطاقة والإسكان

شهدت مصر أيضًا فشلًا في مشاريع الطاقة المتجددة ومحطات الكهرباء التي تم إنشاؤها بطاقة فائضة عن الحاجة، مما أدى إلى خسائر مالية كبيرة، كذلك، لم تستطع مشروعات الإسكان الجديدة حل أزمة السكن المتفاقمة، حيث بلغت نسبة بيع الوحدات في المدن الجديدة نسبة ضئيلة، وتحولت معظمها إلى "مدن أشباح".

 

إهدار الموارد وتكرار التجارب غير المجدية

إعادة افتتاح مشاريع أُغلقت سابقًا يعكس محاولة لتجميل المشهد الاقتصادي دون معالجة المشكلات الأساسية، مما يؤدي إلى إهدار موارد الدولة وزيادة معاناة المواطنين، هذا النهج يعكس فشلًا في التخطيط الاقتصادي وعدم القدرة على التعلم من التجارب السابقة.

 

تأثير السياسات الاقتصادية على الاستقرار الوطني

تفاقم الأزمات الاقتصادية أدى إلى تضخم مستمر، تراجع قيمة الجنيه، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مما ينعكس سلبًا على استقرار البلاد، ومع استمرار هذه السياسات الفاشلة يعزز حالة عدم الثقة في قدرة النظام على إدارة الاقتصاد وتحقيق التنمية.

 

الخلاصة

فشل إدارة السيسي الاقتصادية يتجلى في إعادة إطلاق مشاريع فاشلة مثل مشروع البتلو والبورصة السلعية رغم ضخ مليارات الجنيهات دون تحقيق نتائج ملموسة، هذه السياسات المتكررة تؤدي إلى إهدار الموارد وتفاقم الأزمات الاقتصادية، وتعكس غياب رؤية واضحة وإدارة رشيدة، مما يحتم ضرورة إعادة تقييم هذه السياسات والبحث عن حلول جذرية ومستدامة لمشاكل الاقتصاد المصري.