في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 15 مايو 2025، سلط كل من تريب ميكل وآنا سوانسون الضوء على انقسامات داخل الإدارة الأمريكية بسبب صفقات ضخمة عقدها الرئيس دونالد ترامب لتوريد رقائق متقدمة إلى الإمارات والسعودية، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي الأمريكي.
خلال زيارة دامت ثلاثة أيام إلى الشرق الأوسط، أبرم ترامب ومستشاروه من وادي السيليكون اتفاقًا كبيرًا مع الإمارات لتزويدها بمئات الآلاف من رقائق "نيفيديا" الحديثة سنويًا، لاستخدامها في إنشاء مركز بيانات ضخم في أبوظبي. ويبدأ تسليم الشحنات هذا العام، على أن تذهب معظمها لمزودي خدمات السحابة الأمريكيين، بينما تحصل شركة G42 الإماراتية على حوالي 100 ألف شريحة.
في الوقت ذاته، وقعت واشنطن اتفاقات بمليارات الدولارات لتصدير رقائق "نيفيديا" و"إيه إم دي" إلى السعودية، مع استمرار التفاوض على صفقات أوسع. لكن هذه التحركات أثارت قلقًا داخل الأوساط الحكومية الأمريكية، إذ يخشى مسؤولون من أن تؤدي إلى فقدان الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي لصالح الشرق الأوسط، خصوصًا إذا غابت الضمانات الكافية لمنع تسرب التكنولوجيا إلى الصين.
قاد هذه الصفقات مستشارا ترامب للذكاء الاصطناعي، ديفيد ساكس وسري رام كريشنان، بدعم من شخصيات بارزة في الصناعة مثل سام ألتمان من OpenAI وجينسن هوانج من نيفيديا. يرى هؤلاء أن التعاون مع شركاء دوليين يعزز نفوذ الشركات الأمريكية ويوسع أسواقها، بينما يعتبر آخرون أن ذلك يمثل تفريطًا في البنية التحتية المستقبلية لصالح أنظمة سلطوية.
اعتمدت إدارة ترامب لهجة براجماتية، وفضّلت تلبية مطالب الخليج بدلاً من ترك الباب مفتوحًا أمام الصين. وعبّر ساكس عن هذا التوجه قائلاً في مؤتمر بالسعودية: "على أمريكا أن تفوز بسباق الذكاء الاصطناعي، وعلينا إشراك حلفائنا مثل المملكة".
طالبت واشنطن بضمانات أمنية من الخليج لمراقبة استخدام الرقائق ومواقعها، كما ضغطت لعقد اتفاقات استثمارية متبادلة تضمن إنشاء مراكز بيانات في أمريكا مقابل كل مركز يبنى في الشرق الأوسط. ووافقت الإمارات على هذا المطلب، بينما وعدت الإدارة بتسهيل استثمارات الخليج داخل أمريكا ومراقبتها من خلال فريق عمل مشترك.
تفاوتت الآراء داخل إدارة ترامب حول هذا النهج. فبعض المسؤولين اعتبروا أن هذه الاتفاقات تتعارض مع توجه "أمريكا أولًا" الذي يدعو لإعادة الصناعات إلى الداخل، بينما أشار آخرون إلى صعوبات تواجه الشركات الأمريكية في إنشاء مراكز بيانات محليًا بسبب محدودية مصادر الطاقة وتعقيدات التصاريح.
أوضح جاي جي كاردويل، مدير شركة "فالتِر"، أن الطاقة المتاحة حاليًا داخل الولايات المتحدة لا تكفي لتشغيل أكثر من 25 ألف شريحة متقدمة، في حين تملك دول الخليج القدرة لبناء مراكز تدعم أكثر من 100 ألف شريحة بسهولة وسرعة.
لكن آخرين يرون أن نقل مراكز الذكاء الاصطناعي للخارج يمثل تنازلًا خطيرًا. أشار أحد مسؤولي الإدارة إلى أن هذه الخطوة قد تجعل الإمارات تحتضن أقوى منشأة لتدريب الذكاء الاصطناعي بحلول 2029. كما أكد جيمي جودريتش من مؤسسة راند أن الحل لا يكمن في "الهروب إلى الشرق الأوسط"، بل في إصلاح النظام الطاقي وتحسين بيئة الاستثمار المحلي.
في ختام التقرير، طرح سام وينتر ليفي من مؤسسة كارنيجي للسلام تساؤلًا يعكس الجدل الدائر: "لماذا نريد ترحيل البنية التحتية لتكنولوجيا صناعية حيوية إلى الخارج؟". هذا التساؤل يلخص المخاوف المتزايدة من أن تصبح دول الخليج أو حتى الصين، منافسة لأمريكا في ميدان الذكاء الاصطناعي، ما يهدد بتكرار تجارب سابقة في فقدان الهيمنة الصناعية.
https://www.nytimes.com/2025/05/15/business/economy/trump-chips-ai-uae.html