رغم مرور أشهر قليلة من غلق شركة "حلال ماركت"، التي تملك حق احتكار إصدار شهادات الحلال حصريا وبيعها بمبالغ طائلة للشركات الموردة والمصدرة للحوم والمنتجات الغذائية التي تدخل في تصنيعها اللحوم والألبان، غرق السوق المصري باللحوم الهندية قبيل عيد الأضحى، بعد أن استولت شركة  "حلال ماركت" في استراليا لصاحبها عصام العرجاني نجل رجل الإعمال المقرب من النظام بعد أن تم إنشاء موقع خاص بالشركة في الهند في يوليو الماضي.

وطرحت شركة حلال ماركت اللحوم الهندية المجمدة، التي عادة ما تنفد بسرعة من جميع المناشئ، والميادين الرئيسية بالمحافظات إضافة إلى منافذ الشركة القابضة للصناعات الغذائية، حيث أن اللحوم الهندية المجمدة تطرح بـ130 جنيهًا، حيث أن شركات العرجاني قوة لا يمكن مراقبة منتجاتها نظرا لاستقوائها بجهات سيادية.

لحوم غير صحية

أكدت مصادر بهيئة سلامة الغذاء أن احتكار "حلال" لشهادات اللحوم الحلال، دفع عددا من الشركات سيئة السمعة، إلى استيراد اللحوم من الهند التي ظلت مجازرها تحت الحظر البيطري، لاحتواء لحومها على أمراض وبائية، مع جلب شحنات غير مطابقة للمواصفات الصحية، دون قدرة الجهات الرقابية على توقيفها، خشية الجهات الأمنية التي تتحصن بها، ورغم إنهاء عملها إلا أنه قد تم استيراد كميات كبيرة قبل القرار.

إنهاء دور شركة "حلال" بعد سجن صاحبها

نشرت الحكومة قرارا مفاجئا بالجريدة الرسمية يعيد للهيئة القومية لسلامة الغذاء "حكومية" مسؤولية سلبتها منها لسنوات، بإعادة سلطتها على تنظيم إجراءات استيراد وتصدير اللحوم ومنتجاتها بالبلاد، وينهي دور شركة "حلال" التي أنشأتها أجهزة سيادية مصرية عام 2019، ومنحتها الحكومة، حق احتكار إصدار شهادات الحلال حصريا وبيعها بمبالغ طائلة للشركات الموردة والمصدرة للحوم والمنتجات الغذائية التي تدخل في تصنيعها اللحوم والألبان.

صدر القرار عن مجلس الوزراء نهاية ديسمبر 2024 في سرية تامة، قبل أيام من سجن مدير الشركة ذي الجذور المصرية وائل حنا الذي حكم عليه في 30 يناير الماضي لمدة ثماني سنوات في أميركا، بعد إدانته من محكمة جنوب مانهاتن بنيويورك، بتهم الفساد ورشوة رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور بوب مينينديز.

تصفية خوفا من الملاحقة الأمنية

رغم استقالة الرئيس التنفيذي للشركة وائل حنا، وتعيين الأميركية من أصل هندي، زينا زيبي، مديرة جديدة بفرع نيوجيرسي بالولايات المتحدة، أكدت مصادر مسؤولة من مصر أن الأجهزة الأمنية اتخذت قرارا بتصفية الشركة نهائيا بالقاهرة على أن تبدأ إنهاء أعمال تسعة فروع أنشأتها حول العالم، تجنبا لملاحقة مسؤولين بأجهزة سيادية مصرية، من قبل السلطات الأميركية، متهمين بارتكاب وقائع فساد مالي ورشوة سيناتور أميركي، من حصيلة رسوم هائلة تحملتها الشركات بسبب رفع قيمة الرسوم على شهادات حلال "IS EG Halal" فاقت 20 ضعفا المقررة رسميا خلال الفترة من 2029-2024.

تسريح 300 لواء وموظف

أنهت الشركة أعمال 300 لواء وموظف عملوا بمكتبها في القاهرة، حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وتوقفت أنشطتها على صفحات التواصل الاجتماعي، واختفت المعلومات المتعلقة بها عن مواقع الصحف المحلية التي كانت تتابعها بكثافة.

بدأ رئيس هيئة الرقابة على سلامة الغذاء بمصر طارق الهوبي، الترويج لأنشطة الهيئة، مؤكدا في بيانات رسمية بأجهزة الإعلام وعلى موقع الهيئة بوسائل التواصل الاجتماعي، أن "سلامة الغذاء" أصبحت الجهة الممثلة للدولة رسميا في إصدار شهادات الحلال للشركات العامة بالداخل والخارج التي ترغب في استيراد وتصدير وتصنيع اللحوم والمنتجات الغذائية.

الفساد أحد أسباب التصفية

تشير مصادر بغرفة صناعة اللحوم إلى أن النظام الذي اعتمدته الحكومة لشركة "حلال" أطاح بثمانية مراكز كبرى تعمل داخل الولايات المتحدة، على تصدير اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية، الأمر الذي جعل وزارة الزراعة الأميركية، تتدخل لمطالبة الحكومة المصرية، بالتحرك الفوري لمواجهة احتكار "حلال" لسوق اللحوم، خشية على شركاتها المحلية، التي تراجعت مبيعاتها من اللحوم والكبدة للسوق المصرية بنحو 40%، وتعرضت لمعاملة سيئة احتكارية، تهدد المستثمرين المحليين، لصالح الهند.

توغل العرجاني

وكشف تحقيق نشره الإعلامي محمد ناصر عن تطور صعود رجل الأعمال المقرب من النظام المصري، إبراهيم العرجاني ونجله عصام في مجال استيراد اللحوم، في مصر مستعرضا كيفية سيطرته على سوق اللحوم الحلال في مصر بعد سقوط رجل الأعمال وائل حنا، وغلق شركته بالقاهرة وبتسع دول أخرى.

وأكد ناصر أن العرجاني أصبح متوغلا في الاستثمار المصري، سواء شركات اللحوم وطعام المواطنين أو التحكم المعابر خاصة معبر رفح ودخول أهالي غزة إلى مصر بآلاف الدولارات، والمقاولات.

ووفقًا لناصر وفريق عمله، فإن شركة "حلال ماركت" التابعة للعرجاني أصبحت من اللاعبين الرئيسيين في هذا القطاع بعد ما استبدلتها أجهزة المخابرات المصرية بعد القبض على رجل

الأعمال وائل حنا الذي كان يمتلك شركة لإصدار تصريحات حلال للحوم المستوردة لمصر، ما أثر بشكل كبير على منافذ التموين الأخرى في السوق المصري.

وكشف الإعلامي المصري أن في شهرأغسطس 2024 شركة وائل حنا تحت إشراف وزارة الزراعة المصرية فوضت شركة العرجاني "حلال ماركت فرع البرازيل لإجراءات التفتيش اللازم وتقيم السلع الحلال.

واختتم ناصر حديثه بنشر وثائق وصور تثبت أن شركة أبناء سيناء للتجارة والمقاولات التابعة لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني قام باستيراد لحوم من الهند لعمال وموظفي الشركة تحت إشراف شركة "حلال ماركت" التابعة لنجله.