نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مقالا بقلم أسفنديار مير، جاء بعنوان “الهند وباكستان تدخلان مرحلة أكثر خطورة”، بينما تساءلت صحيفة تليجراف البريطانية، هل ستصمد الهدنة بين الهند وباكستان؟.

وأوضح الكاتب إنه مع تعدد الحروب والاشتباكات بين باكستان ذات الأغلبية المسلمة والهند ذات الأغلبية الهندوسية، كانت المواجهات تنتهي بمسارات تفاوضية وجهود دبلوماسية. مشيرا إلى أن ضوابط قوية ظلت تحول دون انزلاق الطرفين نحو كارثة، خصوصاً استخدام السلاح النووي.

الهند وباكستان تدخلان مرحلة أكثر خطورة

ويقول مير إن الصراع بين الهند وباكستان شهد تحولاً جذرياً وخطيراً . فقد بدأت المواجهة العسكرية الحالية بهجوم استهدف سياحاً هندوس في كشمير الشهر الماضي، أسفر عن مقتل 26 شخصاً، وسرعان ما تصاعد الحادث إلى اشتباكات مسلحة. ويؤكد مير أن “هذا التصعيد السريع يعكس زوال المساحة الدبلوماسية التي كانت تتيح للطرفين تجنب صراع مدمر”.

وجاء في المقال، أن الهند تحت قيادة رئيس وزرائها ناريندرا مودي، أصبحت تعتبر نفسها قوة جيوسياسية واقتصادية صاعدة في الساحة العالمية. هذا التحول لم يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل امتد ليشمل جانب الهوية الوطنية والهويات الثقافية.

وأوضح الكاتب أن الهند لا ترى في باكستان مجرد مصدر إزعاج، بل تهديدا كبيراً لصعود الهند “الشرعي”. ويشير مير إلى أن الهند فقدت صبرها تجاه مطالب باكستان بكشمير، الجزء الذي تسيطر عليه الهند من الإقليم ذي الأغلبية المسلمة، ودعمها “للإرهاب” المناهض للهند على حد ما جاء في المقال.

وبين مير أن باكستان، التي عانت من أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية لعقدين، أصبحت تحت سيطرة الجيش الذي يهيمن على القرارات ويمتلك قدرات عسكرية كبيرة. ورغم هذه التحديات، ترفض باكستان التراجع أمام الهند، خاصة في قضية كشمير، التي تشكل جزءاً أساسياً من هويتها الوطنية، بينما تسعى للحفاظ على مكانتها كقوة إقليمية.

وأردف الكاتب النظر إلى “تراجع دور الولايات المتحدة كوسيط رئيسي للأزمات في جنوب آسيا”، مؤكداً أن واشنطن كانت في الماضي تلعب دور الوسيط الموثوق بين الهند وباكستان، القادر على إبعادهما عن شفير الحرب.

وأشار المقال إلى أن دعم إدارة ترامب لمودي تراجع بسبب انشغالها بالحروب التجارية وصراعات أخرى، في حين أن “الوساطات الخارجية لم تعد مرحباً بها في نيودلهي، التي تعتبرها تمكيناً لباكستان، وغالباً ما تكون غير فعالة مع إسلام آباد التي تفتقر للثقة في علاقات الغرب مع الهند”.

ويقول مير إن كل ذلك “لا يبرر تجاهل المجتمع الدولي في وقت يتبادل فيه البلدان المسلحان نووياً الضربات”.

واختتم الكاتب مقاله بأن على الولايات المتحدة وشركائها الدوليين مثل بريطانيا واليابان، بالإضافة إلى الدول المؤثرة على باكستان مثل دول الخليج وتركيا، أن يروا المواجهات الحالية ليس كأزمة عابرة، بل كصراع قد يتحول إلى دموي، مع خطر تصعيده إلى حرب نووية.

هل ستصمد الهدنة بين الهند وباكستان؟

نشرت صحيفة تلغراف البريطانية تقريرا تساءلت فيه عن إمكانية صمود وقف إطلاق النار بين باكستان والهند الذي تم إعلانه أمس، رغم الانتهاكات من الجانبين التي اتهم كل منهما الآخر بارتكابها.

وأشار التقرير، الذي أعده الصحفي بن فارمر مراسل الصحيفة لشؤون الدفاع، إلى إعلان البلدين عن وقف لإطلاق النار بعد 4 أيام من التصعيد العسكري الذي شمل ضربات جوية وهجمات بطائرات مسيّرة وقصفا متبادلا عبر خط السيطرة في إقليم كشمير المتنازع عليه.

وقال إن الشكوك قائمة حول مدى صمود وقف إطلاق النار في ظل استمرار السبب الجذري للصراع، خاصة قضية كشمير و"الإرهاب"، رغم الترحيب الدولي الواسع بهذا الاتفاق.

وقال إن مصادر هندية حذرت من أن أي هجوم "إرهابي" جديد سيتم اعتباره "عملا عدائيا" يرقى إلى "إعلان حرب"، مما يدل على هشاشة الهدنة.

واستمر يقول إنه، ومع تصاعد النزعة القومية في الهند، فإن الحكومة ستواجه ضغوطا داخلية هائلة للرد بقوة في حال وقوع أي هجوم مماثل.

وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن استمرار التهدئة مرهون بإرادة سياسية حقيقية لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع، لا سيما قضية كشمير التي تشكل جوهر الخلاف منذ عقود.

وختم المراسل تقريره بالقول: "ما لم يتم التوصل إلى حلول دائمة، فإن فرص انهيار الهدنة تظل قائمة في أي لحظة".