وسط موجة من الغلاء يناقش برلمان السيسي قانون الإيجار القديم وسط معاناة الملاك والمستأجرين في وقت ينهش الجوع والفقر كلا المتخاصمين، فما بين خلو كبير دفعه المستأجر ويزيد عن ثلثي ثمن الشقة في حينها، وما بين فقر مقدع يعيشه المستأجرين الذي أصبح أغلبيتهم على المعاش يتقاضون معظهم ما بين 2000 إلى 4 آلاف جنيه بالكاد يكفي علاجهم تلك الصعوبات التي لا يجد الحوار المجتمعي حلا لها في الوقت الذي تستعد الحكومة والبرلمان لتعديل القانون المنظم لها.

ومن المنتظر أن تبدأ لجنة الإسكان بمجلس النواب أولى جلسات الاستماع حول القانون الاثنين المقبل بهدف بناء تصور شامل حول ملامح القانون الجديد، وفق ما أكده النائب أمين مسعود، أمين سر اللجنة، مشيرًا إلى أن الجلسات ستُعقد في إطار حوارات جماعية دون مناقشة رسمية لمواد القانون في هذه المرحلة.

طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، قال في مداخلة هاتفية إن مشروع القانون المقدم من الحكومة يقترح ألا تقل قيمة الإيجار عن 1000 جنيه للوحدات في المدن و500 جنيه للوحدات في القرى، مع زيادة 15% سنويًا، وفترة انتقالية مدتها 5 سنوات.

من جانب آخر، يرى مصطفى عبد الرحمن، رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة، أن فترة الـ5 سنوات الانتقالية “طويلة للغاية”، وطالب بخفضها إلى 3 سنوات.

أضاف عبد الرحمن أن القيمة الإيجارية المحددة والتي تصل إلى 1000 جنيه للسكني و5 أمثال القيمة الحالية للتجاري، “ضعيفة جدًا”.

“أقل إيجار دلوقت وفي المناطق الشعبية 3 آلاف جنيه.. قدمنا وثيقة للمجلس والحكومة تتضمن مطالبنا لحل الأزمة”، قال عبد الرحمن.

من جانب قانوني، قال ميشيل حليم، وهو محامي بالنقض والمستشار القانوني لرابطة مستأجري الإيجار القديم، إن خروج السكان بعد 5 سنوات مخالف لأحكام المحكمة الدستورية السابقة والملزمة لكافة الجهات، موضحًا أن حكم المحكمة الدستورية يتحدث فقط عن عدم ثبات القيمة الإيجارية والتي من الضروري أن يُؤخذ فيها الاعتبارات والأبعاد الاجتماعية.
 

رئيس الوزراء يكذب
   
وكعادته خرج مصطفى مدبولي رئيس وزراء السيسي، كاذبا ليطمئن الرأي العام على خلاف الحقيقة حيث قال خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي، إن مشروع القانون يتضمن مقترحات من بينها تحديد قيمة إيجارية وفقًا لطبيعة الموقع الجغرافي، سواء في المدن أو القرى، مع منح فترة انتقالية لا تقل عن 5 سنوات يتم خلالها تطبيق زيادات تدريجية، بما يحقق التوازن ويخفف من الأعباء على المستأجرين، خصوصًا الفئات محدودة الدخل، لكنه لم يتطرق لطرد المستأجرين بعد الـ 5 سنوات في حال عدم قدرتهم القيمة الإيجارية التي ستتضاعف عليهم.

شدد مدبولي على وضع ضوابط دقيقة تراعي الأوضاع الاجتماعية المختلفة، مؤكدًا أن المشروع سيُعرض للنقاش الموسع داخل البرلمان نظرًا لـ”أهميته البالغة”.
 

دور البرلمان
   
من جهته، أكد النائب محمد الحصي، عضو لجنة الإسكان، أن اللجنة ستدرس المشروع بعناية بمجرد تسلمه رسميًا من الحكومة، موضحًا أن البرلمان لن يُقر سوى ما يتوافق مع العدالة الاجتماعية، ويحقق توازنًا حقيقيًا بين حقوق الملاك وظروف المستأجرين. وأضاف: “الحكومة تقترح، لكن اللجنة تملك القرار في النهاية.”

أوضح الحصي أن معالجة قضية الإيجار القديم تتطلب نظرة عادلة وشاملة تراعي التفاوت الكبير بين أوضاع المستأجرين، مشيرًا إلى أن هناك من يمتلك شققًا مغلقة، أو يعيش خارج البلاد، أو يملك عقارات متعددة وفيلات، في الوقت الذي توجد فيه أسر لا تجد قوت يومها وتحتاج إلى سكن يحفظ كرامتها.

شدد الحصي على أهمية دور الدولة في دعم الفئات غير القادرة، مقترحًا إنشاء صندوق إعانة للمستأجرين غير القادرين.

في مارس الماضي قالت مي عبد الحميد، رئيس صندوق الإسكان الاجتماعي، إنه يجوز لأصحاب الإيجار القديم الحصول على وحدات سكنية في الإسكان الاجتماعي بعد التنازل عن وحداتهم السكنية الحالية.

 يتعامل البرلمان مع قانون الإيجار القديم من خلال ثلاثة محاور أساسية: الامتثال لحكم المحكمة الدستورية، تحقيق التوازن بين أطراف العلاقة الإيجارية، ووضع آليات تنفيذ تضمن العدالة والاستقرار المجتمعي.

ويأمل النواب في إصدار القانون خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لتُطوى بذلك صفحة قانونية مثيرة للجدل، وتمهد الأرض لعلاقة إيجارية أكثر عدالة واستدامة.
 

تضارب في أعداد الوحدات
   
لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد وحدات الإيجار القديم في مصر أو متوسط أعمار قاطنيها أو حتى نسبة للمغلقة منها، ما قد يصعب مهمة الحكومة في اتخاذ القرار وحساب أبعاده.

وقال النائب أمين مسعود أن: “الحكومة لم تسلم حتى الآن بيانات دقيقة حول عدد الوحدات السكنية الخاضعة لقانون الإيجار القديم، رغم مطالبة اللجنة بهذه البيانات.. علينا الوصول لصيغة تراعي الصالح العام وتحافظ على السلم المجتمعي”، .