يرى مراقبون سياسيون  بأن الإجراءات التي اتخذتها الأردن ضد تشكيلات ومجموعات الإسلام السياسي قد ساهمت في بروز قرار الرئيس الأمريكي باستثناء الأردن من اتجاهاته إلى خفض المساعدات الخارجية لعدة دول صديقة وخليفة للولايات المتحدة .

 يأمل الأردنيون عموما بأن تؤدي سياساتهم  في مسألة التخفيف من حدة ووجود التيار الاسلامي خصوصا المناصر للمقاومة الفلسطينية في تأطير أو تنسيق العودة لملف المساعدات كما كانت للأردن.

 ومعالجة الإشكالات والخلافات بين البلاد وبين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعلى رأسها ملفات الخلاف حول الرسوم الجمركية حيث رفعت إدارة ترامب على الأردن الرسوم الجمركية بنسبة 20% .

وهو أمر إذا ما اكتملت وعود مسؤولين أمريكيين في التراجع عنه قد يؤدي إلى ارباك شديد في القطاعات الاقتصادية وقطاعات النقل والقطاعات التجارية الأردنية.

 

أحكام مسيسة

   ويواصل ملك الأردن استمراره في التنكيل بالإسلاميين ففي قضية مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، أدان القضاء الأردني الأربعاء متهمين بالتخطيط لعمليات "تهدف للمساس بأمن إسرائيل" وحكم عليهم السجن عشرين عاما.

يأتي ذلك عقب قرار السلطات الأردنية الأسبوع الماضي حظر نشاطات الجماعة وإغلاق مكاتبها في المملكة، بعد اكتشاف مخطط مرتبط بأعضائها ضد دولة الاحتلال، في المقابل، تقول الجماعة في الأردن إن المتهمين "تصرفوا بدوافع فردية".

ولدى الملك عبدالله أسبابه القوية التي تدفعه إلى استرضاء ترامب بهذا الشكل، فالأردن من بين أكبر المتلقين للمساعدات الأمريكية، والتي كان ترامب قد هدد بقطعها.

كما اختار ترامب إريك تراغر، المعادي في مواقفه تجاه مصر والإخوان المسلمين، ليكون مستشاره حول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي.

 

استمرار الاعتقالات

   كما تواصل السلطات الأردنية، بوعز من الملك عبدالله حملات ملاحقتها لقيادات جماعة الإخوان المسلمون فقامت باعتقال المهندس عمر رياض، عضو المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، ورئيس دائرة فلسطين في الجماعة.

وعمر رياض، هو أحد القيادات الشبابية في جماعة الإخوان المسلمين، ويبلغ من العمر (37) عاما، وانتخب عضوا في مجلس شورى الجماعة، عن شعبة ( الرشيد )، العام الماضي.

وقبل أيام، اعتقلت السلطات الأردنية القيادي في جماعة الإخوان المسلمين أحمد الزرقان، والذي يشغل منصب نائب المراقب العام.

وجاء اعتقال الزرقان (72 عاما) بعد أيام من إعلان وزير الداخلية الأردني مازن الفراية حظر الجماعة، وتجريم الانتساب إليها، واعتبار قرار حلّها نافذا مع إغلاق كافة مقارها.

ويعد الزرقان أبرز شخصية يتم اعتقالها من قيادات "الإخوان المسلمين"، وبحسب مصادر صحفية، فإن القيادي الذي ينحدر من محافظة الطفيلة جنوب المملكة، هو المسؤول عن الملف المالي للجماعة.

وذكرت مصادر صحفية، أن اعتقال الزرقان يأتي بعد أيام من اعتقال القيادي الآخر في الجماعة عارف حمدان، وهو أحد أعضاء مجلس شورى الجماعة.

 

كوارث حظر وإقصاء جماعة الإخوان المسلمون بالأردن

   ومن جهته يرى الكاتب بميدل إيست ديفيد هيرست أن ثمة أخطار جلية تحدق بالملك عبد الله بسبب سلوكه هذا النهج، والذي لم يبلغ بعد المدى الكامل له.

حيث أن حظر جماعة الإخوان المسلمين لم يمتد حتى هذه اللحظة لينال أعضاء البرلمان الواحد والثلاثين من حزب جبهة العمل الإسلامي.

وتابع أن مع ذلك فإن الحظر نفسه ذو دلالة كبيرة. فمن ناحية، ما كان التوقيت ليكون أسوأ من ذلك، حيث أتى في أيام احتفال اليهود بعيد الفصح، وهو احتفال بالبهجة والشكر، آل أمره إلى قيام أتباع تيار الصهيونية الدينية بغزو المسجد الأقصى معبرين عن مشاعر الحقد الديني لديهم.

ولفت أن أكثر من 6700 يهودي اجتاحوا المسجد الأقصى وأقاموا الصلوات في ساحاته، بحسب ما ورد في تقرير لدائرة الأوقاف – وهذا رقم يفوق عدد جميع اليهود الذين دخلوا المسجد خلال أعياد العام المنصرم.

وأردف زادت وتيرة اجتياحات المستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى أكثر من 18000 بالمائة منذ عام 2003، حينما بدأت السلطات الإسرائيلية بالسماح للمستوطنين بتجاوز إدارة الأوقاف الإسلامية ودخول ثالث أقدس بقعة للمسلمين في العالم.

ونوه كان ذلك عاماً سيئاً بشكل خاص للمسيحيين الفلسطينيين كذلك. فقد صرح منذر إسحق، القس وأستاذ علم اللاهوت المسيحي، لموقع ميدل إيست آي قائلاً إن عيد الفصح هذا العام "كان الأسوأ على الإطلاق."

وأكد لقد تخلت "إسرائيل" بكافة أشكالها – العسكرية والدينية والعلمانية – عن كل أفكار العيش المشترك مع الجيران العرب وعن فكرة أن تكون جزءاً من المنطقة. لقد غدت "إسرائيل" كياناً صليبياً بكل ما تعنيه الكلمة. وبات جلياً أنها عازمة على فرض هيمنتها على المنطقة، وعلى الاستيلاء على الأماكن المقدسة، والتي من المفروض أن المملكة الهاشمية هي صاحبة الوصاية عليها، دولياً وتاريخياً.

لم يعد ثمة شك في أن حكومة نتنياهو تزدري الوضع القائم، بل لقد تفاخر بعدد المرات التي تحدى فيها إدارة

الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، وذلك في معرض خطاب ألقاه أمام مؤتمر نقابة الإعلاميين اليهود في القدس.

داخل الأقصى، الذي من واجب الملك في عمان أن يوفر له الحماية، يقوم الإسلاميون وحدهم بالدفاع عنه في وجه الهجمات التي يشنها عليه باستمرار الصهاينة الدينيون.
إلا أن عبد الله يخفق بكل وضوح في رفع صوته ضد ما تتعرض له من تآكل وصايته على الأماكن المقدسة في القدس، والتي تشمل إلى جانب المسجد الأقصى الكنائس المسيحية كذلك.

إن حظر جماعة الإخوان المسلمين، بينما يتعرض المسلمون والمسيحيون في المنطقة على حد سواء للعدوان المستمر، لا يقل عن كونه عملاً تخريبياً في زمن الحرب. كان ينبغي عليه، باعتباره هو نفسه جندياً، أن يدرك تبعات ما يقدم عليه من أفعال.

ما فعله عبد الله في الأردن هو أنه أزال صمام أمان بات اليوم أكثر من أي وقت مضى في أمس الحاجة إليه.