"هذا الدواء غير موجود" عبارة تتكرر بكثرة داخل الصيدليات، ردًا على الوصفات الطبية التي يطلب المرضى صرفها للحصول على العلاج المطلوب، وعند الاستفسار عن أسباب غيابه في الأسواق، فلا أحد يملك الجواب، لكنه يملك أن يبحث عن بديل له.
وفي ظل نقص الدواء، الذي يعد إحدى أكبر الأزمات التي تؤرق حياة المصريين، إذ تهدد صحتهم، لا سيما أصحاب الأمراض المزمنة الذين يتجاوز عددهم عشرات الملايين (20 مليون مريض قلب و11 مليون مريض سكري وأكثر من 9 ملايين مريض ربو “جهاز تنفسي”) ويمثلون نحو 84% من إجمالي الوفيات في مصر، وقعت “جيبتو فارما” – مدينة الدواء المصرية، اتفاقية تحالف استراتيجي مع شركة “دوا فارماسيوتيكالز” الأمريكية، في خطوة تستهدف تعزيز صادرات الدواء المصري إلى السوق الأمريكية، والحصول على اعتماد هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، وسط معاناة المصريين في الحصول على دوائهم.
تصدير الدواء لأمريكا
ووسط مأزق الأسعار التي قفزت بنسب غير منطقية، وندرة الدواء وارتفاع أسعاره لمستويات جنونية في ظل تهرب الجميع، حكومة وشركات أدوية وصيدليات، من المسؤولية وإلقاء كل طرف للكرة في ملعب الآخر، قال رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي إن هذه الشراكة تمثل خطوة استراتيجية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن عبد الفتاح السيسي يواصل سعيه لفتح أسواق تصدير جديدة، بما في ذلك الولايات المتحدة يأتي هذا مع حرمان المصريين من تلقي علاجهم.
وشدد على أهمية هذه الشراكة في جلب المعدات والخبرات الأمريكية المتطورة إلى مصر ودعم جهود الحكومة للحصول على اعتماد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، مما يعزز مكانة صناعة الأدوية المصرية إقليمياً ودولياً، ويؤكد استعداد مصر للمنافسة في مختلف الأسواق الدولية بجودة عالمية.
وأوضح أن اتفاقية اليوم بين “دوا فارماسيوتيكالز” و”جيبتو فارما” هي مثال آخر على تعاون مصر والولايات المتحدة لخلق ازدهار اقتصادي مشترك لكلا البلدين.
قالت هيرو مصطفى غارغ السفيرة الأمريكية بمصر إن الاتفاقية بين “دوا فارماسيوتيكالز” و”جيبتو فارما” تشمل توفير المعدات والتكنولوجيا الأمريكية المتطورة إلى جانب المعرفة والخبرة لتوسيع نطاق إنتاج الأدوية المصرية في جميع أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط.
قال رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة “جيبتو فارما” – مدينة الدواء المصرية عمرو ممدوح، إن الاتفاقية تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية الشركة في أن تكون مركزًا إقليميًا لصناعة الدواء، بالاعتماد على الجودة والبنية التحتية الإنتاجية المتقدمة التي تمتلكها المدينة.
وأشار ممدوح أن الفترة الماضية شهدت بالفعل تحقيق المزيد من النجاحات، حيث تمت إقامة شراكات استراتيجية مع 7 شركات عالمية للتصنيع المشترك ونقل التكنولوجيا، بالإضافة لطرح مجموعة متكاملة من الأدوية الأساسية المتميزة بجودة وأسعار مناسبة.
تصدير وسط أزمة نقص الأدوية
وفي خضم الأزمة، فوجئ الجميع بوزير الصحة والسكان يعلن عن تصدير مصر الأنسولين المحلي لولة كوبا ولأمريكا الجنوبية، مبررًا ذلك بأن الكمية التي تم تصديرها عبارة عن شحنة واحدة فقط، وهو ما يتناقض مع تصريحات الوزير ذاته في مارس الماضي حين كشف عن تصدير ما بين 12 إلى 18 مليون ڤيال سنويًا إلى 11 دولة إفريقية (بالإضافة إلى كوبا)، وهو ما أدى إلى رفع قيمة الصادرات المصرية من الأدوية ومستحضرات الصيدلة خلال شهر فبراير 2024 بنسبة 28.8% لتسجل 30.3 مليون دولار، مقابل 23.5 مليون دولار خلال نفس الشهر من العام الماضي، وفقًا لنشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
أثارت تلك الخطوة سخط وغضب المصريين، إذ كيف للحكومة، وقرابة 11 مليون مريض سكري في البلاد يعانون من نقص الأنسولين، أن تقوم بتصديره حتى لو كانت كميات قليلة؟
يعكس هذا المشهد كيفية إدارة الدولة لهذا الملف وتجاهلها لمعاناة الملايين من المرضى المصريين مقابل حفنة من الدولارات تدخل خزانة الدولة لسد جزء من العجز الناجم عن السياسات الخاطئة الممارسة على مدار سنوات، وهو الأمر ذاته المطبق في قطاعات الكهرباء والغاز وغيرها، ليجد المواطن، المريض والمحتاج من محدودي ومتوسطي الدخل، نفسه من يدفع فاتورة الفشل على المستويات كافة.