رغم أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية مرره برلمان العسكر في جلسة الثلاثاء 29 أبريل 2025 بشكله الذي اعترض عليه الحقوقيون واعتبروه يعيق المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين من القيام بعملهم دون خوف من التدخل التعسفي في حقهم في الخصوصية.
كما اعتبروه مثيرا للقلق بشكل عندما يضع انتقاد "الرئيس" أو غيره من المسؤولين في السجن بموجب مجموعة من القوانين القمعية مثل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية وقانون مكافحة الإرهاب وقانون العقوبات.
إلا أن قانونيين حذروا من قانون الإجراءات الجنائية بعد إقراره وأشاروا (عبر صفحة السيد خلف المحامي) إلى أن هناك تحديات تعوق تحقيق الأهداف المرجوة، أبرزها:
• قانون مكافحة الإرهاب: يمنح هذا القانون سلطات استثنائية واسعة فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي، مما يسمح بعدم التقيد بقواعد قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بمدد الحبس الاحتياطي، بل ويفرض قواعد إجرائية جديدة.
• ظاهرة التدوير: حتى في حال صدور قرارات بإخلاء سبيل المحبوسين احتياطيًا، هناك مخاوف من التحايل على القانون من خلال إعادة احتجاز الأفراد على ذمة قضايا جديدة، بعد فترات من الاختفاء القسري، مما يقوض فعالية التعديلات الجديدة.
وأشاروا إلى أن التعديلات تشير ضمنا إلى تنظيم أكثر وضوحًا لفترات الحبس الاحتياطي، وتوفير ضمانات إضافية لحماية حقوق المحتجزين. وتشمل أبرز التعديلات 6 بنود أوضحها القانونيون:
1. مدة الحبس الاحتياطي:
4 أشهر كحد أقصى للجنح.
سنة كحد أقصى للجنايات.
18 شهرًا في حالات الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام أو المؤبد.
سنتين لمن يخضعون لسلطة محكمة الجنايات المستأنفة ومحكمة النقض .
2. إجراءات الحبس الاحتياطي:
أصبح الحبس الاحتياطي إجراءً استثنائيًا يتم تطبيقه فقط في الحالات التي يستدعي فيها القانون ذلك بوضوح، ما يقلل من احتمالات الاحتجاز غير المبرر.
يحق للمحبوسين أو محاميهم الطعن في قرارات الحبس الاحتياطي، وتتم مراجعة هذه القرارات بشكل مستمر لضمان حقوق المتهمين.
3. حقوق الدفاع:
للمحتجزين الحق الكامل في التواصل مع محاميهم منذ اللحظة الأولى لاعتقالهم، مع ضمان حضور جلسات التحقيق بشفافية وعدالة.
4. إمكانية الإفراج قبل انتهاء المدة:
يمكن للمتهم الخروج قبل انتهاء مدة الحبس الاحتياطي إذا تم إخلاء سبيله، ولا يشترط أن يبقى محبوسًا حتى نهاية الحد الأقصى للمدة.
5. شمول القانون لجميع القضايا:
يشمل القانون جميع القضايا المحالة، بما في ذلك قضايا أمن الدولة العليا، سواء كانت تتعلق بالانضمام أو التمويل أو غيرها من القضايا ذات الصلة. ويحق لنيابة أمن الدولة إحالة القضايا إلى محاكم الجنح أو الجنايات حسب تصنيف الجريمة.
6. تطبيق القانون بأثر رجعي:
يُطبق القانون الجديد على جميع من هم محبوسون احتياطيًا، سواء قبل إقرار القانون أو بعده.
اعتراضات الحقوقيين
ونلاحظ أن المواد 79 و 80 و 116 من مشروع القانون الذي يجيز أنشطة المراقبة ليست دقيقة ولا واضحة فيما يتعلق بالجرائم والأفراد الذين يمكن أن يخضعوا للمراقبة أو التنصت على الاتصالات، وبالتالي فإنها تنتهك مبدأ الشرعية وتشرع التدخل التعسفي في الحق في الخصوصية.
الضرورة والتناسب
إن تمكين النيابة العامة من تجديد المدة دون أي تحديد يتعارض مع مبدأ الضرورة والتناسب، لأنه يعني إمكانية مراقبة ليس فقط الشخص المستهدف إلى أجل غير مسمى، بل وأيضاً دائرة معارفه وزملائه وأصدقائه وأفراد أسرته. وأي صلاحيات تُمنح لضباط القضاء أثناء التحقيق يجب أن تكون محدودة بفترة زمنية.
ويخالف تجديد فترات المراقبة دون تحديد مدة محددة المادة 57 من الدستور المصري التي تنص على أن "للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس، وللمراسلات البرقية، والبريدية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة ، وفي الأحوال التي يبينها القانون".
الحق في الإخطار وطلب التعويض
ولا تنص المواد المذكورة أعلاه من مشروع القانون على أي آلية إخطار لإعلام الفرد المستهدف بإجراءات المراقبة بمجرد إجرائها، وبالتالي حرمانه من فرصة الطعن في هذه القرارات أو طلب علاج فعال.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا، إلى جانب التجديد غير المحدود لفترات المراقبة، من شأنه أن يعرض الأفراد وشركائهم للمراقبة مدى الحياة، مما يتركهم دون أي فرصة لتحدي القرار أو السعي للحصول على تعويض عن انتهاكات حقهم في الخصوصية.
وقد أكدت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 16 أن "تعبير "التدخل التعسفي" يمكن أن يمتد أيضاً إلى التدخل المنصوص عليه في القانون. ويهدف إدخال مفهوم التعسف إلى ضمان أن يكون حتى التدخل المنصوص عليه في القانون متوافقاً مع أحكام وأهداف وأغراض العهد، وأن يكون في كل الأحوال معقولاً في ظل الظروف الخاصة".