أثار تسجيل صوتي مسرب لحديث بين الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس الليبي السابق معمر القذافي، حول طلب القذافي تشكيل قوة عسكرية موحدة لتحرير فلسطين بالكامل، فيما أوضح عبد الناصر أن موازين القوة ليست في صالحهم ودعا من يريدون الحرب إلى تشكيل قوة عسكرية ومحاربة الاحتلال،  فيما هو لايستطيع القتال، واللي يريد القتل يذهب ليقاتل، جدلا واسعا بين المفكرين والمحللين الذين تساءلوا عن دلالات ظهور هذا التسريب ومن يقف وراءه.

 

الفيديو:

https://x.com/search?q=%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1&src=typed_query

 

وتضمنت المحادثة الصوتية التي يعود تاريخها إلى 4 أغسطس 1970، انتقادات حادة وجهها عبد الناصر لحكومات عربية ومنظمات فلسطينية بسبب “مزايداتها” ضده مع إشارات إلى تفضيله للحلول السلمية بدلا من الحرب الشاملة ضد إسرائيل. وذكر حساب ناصر TV على موقع يوتيوب الذي نشر الفيديو، أن محادثة عبد الناصر والقذافي كانت بتاريخ 3 أغسطس 1970، أي أنها قبل 5 أسابيع من وفاة عبدالناصر في 28 سبتمبر من نفس العام.

 

توقيت ظهور التسريب

   وعلق الكاتب الفلسطيني أدهم إبراهيم أبو سليمة قائلا أن الظهور المفاجئ لهذا التسجيل النادر والخطير الذي جمع بين الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر  ومعمر القذافي، في هذا التوقيت الدقيق بالذات، ليس بريئًا أبداً.

وأشار أبوسليمة أنه بعد أكثر من خمسة وخمسين عامًا على طمر هذا الحديث، يُستدعى فجأة قبيل زيارة الرئيس الأمريكي ترامب إلى المنطقة — زيارة يُنتظر أن تكون محمّلة بإملاءات كبرى على الحكومات العربية، وعلى رأسها تصفية القضية الفلسطينية. لماذا الآن؟ وتساءل المحلل السياسي لماذا الآن؟ ولماذا بهذا الشكل؟ ولماذا تحديدًا جمال عبد الناصر، الرمز الذي زُرع عميقًا في وجدان الأمة كرمز للقومية والمقاومة والعروبة؟.

الوجه المنبطح لعبدالناصر عندما كان عبد الناصر يجسد المشروع القومي العربي، كانت فلسطين قضيته المركزية، وكان الشعور الجمعي يرى فيه صورة الزعيم الذي رفض الهزيمة والخضوع.أما اليوم، يُعاد استحضار الرجل نفسه عبر تسجيل لا نعرف مدى صحته أولاً، ولا مدى اكتماله أو اجتزائه ثانيًا، ليُراد لنا أن نراه بصورة جديدة: رجل انهزام، واستسلام، وقبول بالحلول الانبطاحية. إن ما يجري خطير للغاية: سحق صورة عبد الناصر القومية في ذهن الأمة، تمهيدًا لقبول تنازلات كارثية تُجهز على ما تبقى من كرامة العرب. وقد بدأت نُذرها في عدة عواصم في المنطقة، فالكل يضبط ساعته على المزاج الترامبي. من يقف وراء هذا التسريب؟ وأضاف أن الإجابة ليست صعبة حين نعلم أن قناة “العربية” — المعروفة بانخراطها الفج في المشروع الصهيوني الأمريكي ومحور التطبيع — هي من بثت التسجيل. وقال إنها رسالة مغلفة: اقبلوا بالهزيمة القادمة والهيمنة الصهيونية المؤكدة، فحتى عبد الناصر فعلها! ولن نكون عروبيين أكثر منه. وأشار لكننا نعرف أن هذه محاولة فجة لهندسة وعي الشعوب، لصناعة مبررات زائفة تسوّق للاستسلام المقبل، وتدجين الأمة تحت يافطة “الواقعية السياسية”. ونوه ترامب قادم إلى المنطقة ليستثمر في جراحها، ليحلب من ثرواتها 2.4 تريليون دولار، ينقذ بها اقتصاد بلاده المحتضر، على حساب اقتصاد عربي يترنح تحت عباءة الفساد والهزيمة.وهم يريدون أن يهيئوا الشعوب لقبول هذه الإملاءات.. لا بالمنطق، ولا بالحقائق، بل بالتلاعب بالرموز والذاكرة الجمعية. وأردف عندما يُقال على لسان عبد الناصر إنه كان يقبل بالاستسلام، فإن الرسالة المبطنة هي: "توقفوا عن المقاومة، تقبلوا ما يُفرض عليكم!" لكننا هنا نقول: وتهكم "إذا كانت أنظمتكم قد قررت أن تعيش خانعة تحت الهيمنة الأمريكية، فلا تجبروا شعوبكم على ذلك. شعوبنا العربية والإسلامية اليوم تفيض شوقًا إلى التحرير، لا تقبل الذل، ولا تنحني." ولفت ما نشهده اليوم امتدادٌ لمسار خبيث بدأ منذ أن وُصِمت المقاومة بالإرهاب، وتمت مطاردتها وتجفيف منابعها في بعض الدول العربية. والآن، يُعد المسرح لتصفية القضية نهائيًا، عبر إعادة تشكيل العقل الجمعي العربي، ومن بوابة أن قلب المقاومة في #غزة

https://x.com/hashtag/%D8%BA%D8%B2%D8%A9?src=hashtag_click

قد أصيب في مقتل. التاريخ يكرر نفسه. عندما ظنت بريطانيا وفرنسا أن الاسترضاء سيقيهما شر هتلر، فتنازلا له عن أراضٍ ليست له، جاءهم تشرشل بكلمته الخالدة: "لقد خُيّرتم بين الحرب والعار، فاخترتم العار، وستُفرض عليكم الحرب أيضاً."واليوم، الذين يظنون أن تسهيل الهيمنة الصهيونية والغربية على منطقتنا سيضمن لهم الأمن، سيفاجأون أن الحرب ستلاحقهم رغم خنوعهم، وسيكونون أول الخاسرين.

واختتم إننا نعيش مقدمات مرحلة جديدة: عنوانها سحق ما تبقى من كرامة العرب، ومصادرة حقهم في الحياة الحرة. ولكن، مهما حاولوا، ستبقى شعوبنا تقاوم — بكل ما أوتيت من قوة — حتى تقتلع هذه الهيمنة، وتكتب فصلها الأخير بدماء الحرية، لا بحبر الهزيمة.