ذكر موقع العربي الجديد أن فيلماً وثائقياً مصرياً جديداً أثار جدلاً واسعاً، لتناوله بالنقد الحاد دور الولايات المتحدة الأمريكية في دعم إسرائيل خلال حرب أكتوبر 1973، من خلال جسر جوي عسكري ضخم أنقذ الجيش الإسرائيلي من الهزيمة.

يعرض الفيلم الذي يحمل عنوان "عملية عشب النيكل"، ومدته 35 دقيقة، بداية الحرب من وجهة نظر مصرية، ويُظهر مشاهد لجنود إسرائيليين يفرّون، وآلياتهم العسكرية مدمّرة في صحراء سيناء، بينما يعلن مذيع إسرائيلي بدء الهجوم المصري الكبير على القوات الإسرائيلية المحتلة لسيناء. أنتج الفيلم شركة إعلامية كبرى على صلة بالجهات السيادية المصرية، وبُث على القنوات الوطنية بالتزامن مع ذكرى "تحرير سيناء" في 25 أبريل، والتي ترمز لاستعادة مدينة طابا بعد مساعٍ دبلوماسية طويلة.

يُركّز الفيلم بشكل خاص على رد الفعل الأمريكي الذي جاء بعد ستة أيام فقط من بدء الحرب، إذ نقلت الولايات المتحدة نحو 33 ألف طن من الأسلحة والمعدات إلى إسرائيل، بحسب ما ورد في مكالمات هاتفية بين الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون، ووزير خارجيته هنري كيسنجر، والسفير الإسرائيلي في واشنطن سيمشا دينيتز.

يكشف الفيلم وثائق استخباراتية أمريكية وإسرائيلية أُفرج عنها لاحقاً، وتظهر صدمة القيادة الإسرائيلية من الضربات المصرية في الأيام الأولى للحرب. ذكر دينيتز في مكالمته مع كيسنجر أن إسرائيل فقدت 14 طائرة فانتوم أمريكية الصنع، وثلاث طائرات ميراج فرنسية، و500 دبابة، ما يعادل ثلث معدات الجيش الإسرائيلي قبل بدء المعركة. كما أرسلت رئيسة وزراء إسرائيل، جولدا مائير، رسالة استغاثة إلى نيكسون طالبة "إنقاذ" إسرائيل.

يروي الفيلم شهادات من جنرالات إسرائيليين مثل وزير الدفاع موشيه دايان، الذي وصف حرب أكتوبر بأنها "مختلفة" عن الحروب السابقة، لا سيما حرب 1967، التي احتلت فيها إسرائيل سيناء والجولان. كما يظهر نيكسون في إحدى اللقطات وهو يقول إن الجسر الجوي إلى إسرائيل كان "أكبر بكثير من الجسر الجوي إلى برلين" في عام 1948.

استمر الجسر الجوي حتى 14 نوفمبر 1973، وأسهم في تغيير موازين المعركة لصالح إسرائيل بعد خسائرها الأولية. أرسل ذلك دعماً سياسياً واضحاً من واشنطن إلى تل أبيب، وفهم الرئيس المصري أنور السادات ذلك كرسالة مفادها أن "إسرائيل خط أحمر" بالنسبة للولايات المتحدة، كما أكد السفير المصري السابق لدى إسرائيل حازم خيرت للموقع.

تحدث الفيلم أيضاً عن مدى اقتراب إسرائيل من استخدام السلاح النووي، وفقاً لإحدى الوثائق التي عرضت مخاوف دايان في الأيام الأولى للحرب.

يأتي بث الفيلم في توقيت شديد الحساسية، وسط توتر كبير بين مصر وإسرائيل بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة، وقلق مصري متصاعد من سيناريو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء. لهذا السبب، عززت مصر وجودها العسكري في شمال شرق سيناء، ما أثار استياءً إسرائيلياً، حيث اعتبرته تل أبيب انتهاكاً لاتفاقية السلام الموقعة عام 1979.

في الوقت ذاته، تصطدم القاهرة بسياسات أمريكية تسعى – وفق تقارير – إلى إعادة تشكيل غزة لتصبح "ريفييرا شرق أوسطية"، وهو ما تعارضه مصر بشدة، وتقود جهوداً عربية وإسلامية مضادة لإعادة إعمار القطاع دون تهجير سكانه.

تشير هذه الإنتاجات إلى توجّه واضح في الإعلام المصري نحو تقديم "رواية وطنية" للأحداث المفصلية، وهو ما أكده اللواء نصر سالم، أحد ضباط حرب أكتوبر، حيث قال إن "هذه الأعمال توثق التاريخ للأجيال الجديدة"، مؤكداً في حديثه للموقع أن "الحقيقة يجب أن تُروى كما حدثت"، مشيراً بمرارة إلى رؤيته للطائرات الأمريكية وهي تُسلم الأسلحة لإسرائيل في قلب سيناء.

الفيلم ينتمي لسلسلة إنتاجات قامت بها شركة "المتحدة للخدمات الإعلامية"، منها مسلسلات وأفلام عن الحرب ضد الإرهاب في سيناء، والغارات المصرية في ليبيا عام 2015. ورغم الانتقادات التي طالت ميزانية هذه الأعمال، يرى البعض أنها تلعب دوراً محورياً في تشكيل الوعي العام ومواجهة ما يصفونه بـ"التشويه الإعلامي" للتاريخ المصري.

https://www.newarab.com/news/egyptian-film-takes-critical-aim-us-airlift-israel-1973