تفاقمت معاناة اللاجئين في مصر، خصوصًا السودانيين، بسبب توقف التمويل الدولي الذي كان يُعتمد عليه لتوفير الخدمات الصحية الأساسية، بعد قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بوقف تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والذي كان يشمل تمويلات رئيسية لمفوضية اللاجئين، وضع الآلاف من اللاجئين في مواجهة أزمة صحية غير مسبوقة.
توقف الدعم عن مفوضية اللاجئين ألقى بظلاله على المستشفيات المصرية، مما دفع العديد منها إلى طرد المرضى لعدم قدرتهم على دفع تكاليف العلاج، مما يهدد حياة العديد من اللاجئين المرضى الذين يواجهون مصيراً مجهولاً.
أزمة التمويل.. المفوضية تواجه تحديات كبيرة
أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر مؤخرًا عن أزمة حادة في تمويلاتها، بسبب نقص التمويل الذي أثر على قدرة المنظمات الإنسانية على تقديم الدعم الحيوي للاجئين.
المفوضية، التي كانت توفر مساعدات صحية خاصة لعلاج الأمراض المزمنة مثل السكري والسرطان، اضطرت إلى تقليص ميزانيتها بنسبة 80% هذا العام.
هذا التقليص ترك العديد من اللاجئين، ومنهم أكثر من 100 ألف حالة سودانية، بلا رعاية صحية، مع استمرار الحرب في السودان التي أدت إلى نزوح جماعي نحو مصر.
تأثير أزمة التمويل على الخدمات الصحية
بحسب مصدر مطلع من إحدى المنظمات المعنية، فقد توقفت المفوضية عن استقبال حالات جديدة منذ الشهر الماضي بعد توقف التمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
الوضع في المستشفيات الخاصة في مصر أصبح أكثر صعوبة، حيث اضطرت بعض المستشفيات إلى طرد المرضى الذين لا يقدرون على دفع تكاليف العلاج، ما يفاقم معاناتهم.
في نفس السياق، تستمر المنظمات مثل مرسال وكاريتاس في تقديم خدمات محدودة، لكن سقف التمويل لا يسمح بتغطية تكاليف العمليات الجراحية أو الأمراض الخطيرة مثل السرطان، ما يجعل الخيارات العلاجية محدودة للغاية.
تفاقم الأزمة في ظل ارتفاع تكاليف العلاج
لم تقتصر تداعيات الأزمة على توقُّف التمويل فحسب، بل صاحبها أيضًا زيادة ملحوظة في تكاليف العلاج في المستشفيات المصرية. لم يعد لدى اللاجئين، وخاصة السودانيين، أي مصدر دخل يتيح لهم تغطية تكاليف العلاج المستمر.
ووفقًا للناشطة السودانية في مصر، فإن الدعم المقدم من مفوضية اللاجئين كان يغطي فقط الحالات العاجلة أو الفئات الأكثر احتياجًا مثل كبار السن والأطفال.
ومع زيادة المعاناة، أضحى العديد من اللاجئين يضطرون إلى اللجوء إلى الأدوية رخيصة الثمن أو التوجه إلى جمعيات خيرية للحصول على الدعم.
ضغط إضافي على المستشفيات الحكومية والمرافق الصحية
بجانب المستشفيات الخاصة، تكابد المستشفيات الحكومية المصرية هي الأخرى من نقص التمويل لاستقبال اللاجئين.
على الرغم من أن وزير الصحة أعلن في وقت سابق عن تقديم خدمات صحية للمهاجرين واللاجئين، إلا أن المستشفيات العامة رفضت استقبال العديد من المرضى اللاجئين، خاصة أولئك الذين لا يحملون إقامة سارية.
في كثير من الأحيان، يتم تحويل الحالات الطارئة فقط إلى المستشفيات الحكومية، بينما يُترك الباقون في حالة انتظار.
دور الأطباء السودانيين في التخفيف من الأزمة
في محاولة للتعامل مع الوضع، بدأت مجموعة من الأطباء السودانيين في مصر بتنظيم مبادرات تطوعية لتوفير الاستشارات الطبية عبر الهاتف أو في المنازل، بعيدًا عن أعين السلطات المصرية.
هؤلاء الأطباء يسعون إلى تقديم العلاج بأقل تكلفة ممكنة، خصوصًا للأدوية الضرورية، في محاولة لتخفيف العبء عن اللاجئين الذين يعانون من الأمراض المزمنة.
واقع التمويل.. كارثة إنسانية في الأفق
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أكدت في تقريرها الأخير أن أزمة التمويل قد تؤدي إلى حرمان ما يقرب من 12.8 مليون شخص، بينهم 6.3 مليون طفل، من الوصول إلى الرعاية الصحية المنقذة للحياة بحلول عام 2025.
النقص الحاد في الموارد المالية يعطل القدرة على تقديم خدمات الصحة العامة والتغذية، مما يعرض اللاجئين لمخاطر صحية كبيرة ويزيد من احتمالية تفشي الأمراض والأوبئة.
مضاعفات الأزمة على اللاجئين اليمنيين
إلى جانب السودانيين، يعاني اللاجئون اليمنيون في مصر من تراجع الدعم الصحي لهم، خاصة مع تزايد تدفق اللاجئين السودانيين.
معظم هؤلاء اللاجئين يعانون من أمراض مزمنة تتطلب رعاية مستمرة، لكن مع توقف التمويل، تجد الكثير من المنظمات صعوبة في تغطية تكاليف العلاج.