تستغل شخصيات سياسية في إسرائيل والولايات المتحدة "يوم ذكرى الهولوكوست" للدفاع عن الحرب على غزة، وتقديم أي معارضة لها كدليل على معاداة السامية. هذا النمط تكرّر العام الماضي، حين صوّر كل من بنيامين نتنياهو وجو بايدن الحرب على غزة كخط دفاع ضد "هولوكوست جديدة". لكن عشرة ناجين من الهولوكوست ردّوا برسالة وصفت هذا الاستخدام بأنه "إهانة لذكرى الضحايا".

لم تقتصر هذه السردية على الولايات المتحدة وإسرائيل، بل تبناها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي ربط في خطاب ألقاه بحركة مناصرة فلسطين "المعادية للسامية" كما وصفها، مشيرًا إلى "كراهية تسير في الشوارع". استُخدم هذا الخطاب لاحقًا لتبرير قانون جديد يحظر التظاهر قرب دور العبادة، بما فيها المعابد اليهودية، رغم غياب أي تهديد فعلي لها في تلك المظاهرات.

كاتبان ومتظاهرون يهود، بعضهم من أبناء الناجين من المحرقة، رفعوا شعارات مثل: "ابن أحد الناجين من الهولوكوست يطالب بوقف إبادة غزة"، وتلقوا ترحيبًا حارًا من الجماهير. ورغم ذلك، وُصف وجودهم أحيانًا بأنه "استفزازي"، كما حدث مع الناجي ستيفن كابوس، الذي استُجوب بسبب مشاركته في تظاهرة بتاريخ 18 يناير، بحجة أنها تهدد معبدًا لم يكن ضمن خط سير التظاهرة أصلاً.

بررت الشرطة البريطانية حظر التظاهرة بالاعتماد على تصريح من حاخام زعم سماع هتاف "إبادة اليهود" في مظاهرة سابقة. لكن مدير حملة التضامن مع فلسطين أوضح أن الشعار الحقيقي كان: "من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرّة". تفسير الشرطة لهذا الشعار كدعوة للعنف أدى إلى منع المظاهرة، في انتصار واضح لحملات الضغط المؤيدة لإسرائيل.

في واقعة أخرى، غطت السلطات نصبًا تذكاريًا للهولوكوست في هايد بارك خلال تظاهرة مؤيدة لفلسطين، خوفًا من "تخريبه"، رغم مشاركة ناجي المحرقة ستيفن كابوس شخصيًا في مقدمة المسيرة، حيث تحدث عن تجاربه في صمت مُهيب من الحشود.

يستمر قادة كير ستارمر في الترويج لمركز جديد لتعليم الهولوكوست بجانب البرلمان، دون أي نية لإحياء ذكرى ضحايا الإمبراطورية البريطانية أو المجاعات والمجازر التي ارتُكبت عبر التاريخ الاستعماري.

ورغم اهتمام الحزب الحاكم بسماع شهادات الناجين، تجاهل شهادة كابوس حين نفى وجود معاداة للسامية في حزب العمال، فاتهمه ستارمر بـ"زرع الانقسام". وهددت قيادة الحزب بطرده إن تحدث في فعالية نظمتها جهة يسارية، ما دفعه للاستقالة.

استغلال ذكرى الهولوكوست ومعاداة السامية لإسكات المعارضة السياسية لا يقتصر على الغرب. فكما يستخدم بوتين ذكرى النازية لتبرير الحرب في أوكرانيا، يستخدم قادة الغرب نفس الذكرى لتبرير دعمهم لحروب الشرق الأوسط.

في نهاية المطاف، لا يبدو أن الإعلام أو الطبقة السياسية في الغرب مستعدان للتشكيك في هذا الاستغلال المتكرر. وحتى يتغير ذلك، يبقى واجبنا مواصلة التظاهر ضد الإبادة – وضد توظيفها السياسي.

https://www.middleeasteye.net/opinion/holocaust-weaponised-repress-anti-genocide-voices-how