نشر موقع ميدل إيست آي تقريرًا تحليليًا يؤكد أن ما أطلقت عليه "الجماعات المسلحة غير الحكومية" في الشرق الأوسط، رغم تعرضها لهزائم كبيرة حتى عام 2024، لا تزال قائمة وتتمتع بالقدرة على التأقلم والبقاء.

شهدت السنوات الأخيرة استراتيجيات متعددة لمحاربة هذه الجماعات. البعض مثل جماعات "محور المقاومة" واجه ضغوطًا عسكرية مباشرة بقيادة أمريكية لتقليص قدراته، بينما حصلت جماعات أخرى على دعم محدود أو اندمجت جزئيًا في هياكل الدولة، كما هو الحال مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

في غزة، تواصل إسرائيل حربها الواسعة منذ أواخر 2023 بهدف سحق حركة حماس، ما أدى إلى خسائر فادحة قد تؤدي إلى تقليص قدراتها العسكرية دون إنهاء تأثيرها السياسي. في اليمن، وسّعت واشنطن عملياتها ضد الحوثيين، منتقلة من سياسة الاحتواء إلى محاولة تدمير البنية العسكرية والقيادية للجماعة.

في لبنان، قدّمت الولايات المتحدة دعمًا سياسيًا وماليًا محدودًا للجيش اللبناني بهدف تقويض تأثير حزب الله، دون تسليح الجيش بشكل فعال. أما في سوريا، فبدأت مليشيات موالية للنظام بالاندماج في أجهزة أمنية جديدة، مع اتفاق أمريكي على ضم قسد إلى الجيش السوري المعاد تشكيله، رغم بقاء الخلافات حول مستقبل الأكراد.

في تطور لافت، دعا عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK)، في فبراير 2025 إلى حل الجناح العسكري للحزب، ما دفع الحزب إلى إعلان وقف إطلاق النار، وفتح باب المشاركة السياسية، رغم استمرار التوترات مع الدولة التركية.

تعكس هذه التحولات رغبة أمريكية وأوروبية في تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة مستقرة قادرة على جذب الاستثمارات والتكامل الاقتصادي، خاصة من خلال مشاريع مثل "ممر الهند-الشرق الأوسط-أوروبا" (IMEC). هذا المشروع الطموح يهدف إلى ربط الهند بأوروبا عبر الخليج والأردن وإسرائيل. إلا أن حرب غزة المتواصلة والتوترات الإقليمية، خصوصًا بين إسرائيل والأردن، تعرقل هذا الطموح وتُهدد بوأد مشاريع البنية التحتية المشتركة.

ووفقًا للتقرير، فتُعد "الجماعات المسلحة غير الحكومية" تهديدًا مباشرًا لهذه الرؤية، سواء من حيث زعزعة الاستقرار أو تقويض شرعية الدول. لذلك، تسعى الولايات المتحدة لتعزيز سلطة الدولة عبر دمج الجماعات أو تفكيكها. لكن في الوقت نفسه، تُظهر التجربة أن هذه الجماعات تتسم بالمرونة، وأن جذور ظهورها – مثل الاحتلال، التهميش، التدخل الأجنبي، والفراغات الأمنية – ما زالت قائمة.

في سوريا، استبدال النظام لم ينهِ العنف، بل أوجد تنافسًا جديدًا بين الفصائل، إلى جانب تصاعد الهجمات الإسرائيلية، على حد وصف التقرير. وفي غزة، رغم تراجع حماس عسكريًا، تبقى القضية الفلسطينية دون حل، ما يُبقي المقاومة خيارًا شعبيًا. أما المسألة الكردية، فلا تزال تراوح مكانها وسط تفاوض هش ومستقبل سياسي غامض.

رغم الضغوط العسكرية والسياسية، ما زالت "الجماعات المسلحة غير الحكومية"، خصوصًا تلك المرتبطة بمحور المقاومة، تصمد وتعيد تشكيل نفسها وفقًا للظروف، مما يجعلها فاعلًا أساسيًا في مشهد الشرق الأوسط لسنوات قادمة.

https://www.middleeasteye.net/opinion/across-middle-east-non-state-armed-groups-are-down-not-out