أصدرت الإدارة العامة للموارد البشرية منشورًا إداريًا يقضي بحرمان الموظفات المتعاقدات بنظام الفترات أو العقود اليومية من حق الحصول على "ساعة الرضاعة"، وهي الساعة التي تُمنح تقليديًا للموظفات بعد الولادة لرعاية أطفالهن، وتُعد واحدة من أبرز مكتسبات الأمومة في بيئات العمل الرسمية، في خطوة أثارت موجة من الجدل والاستياء داخل أروقة الهيئة العامة للتأمين الصحي. وأكد مصدر مسؤول بالهيئة، أن القرار جاء تنفيذًا لتوجيهات سابقة صادرة عن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، الذي شدد قبل ثلاث سنوات على ضرورة التزام الجهات الحكومية بعدم منح العاملين المؤقتين أي إجازات استثنائية، بما في ذلك "ساعة الرضاعة"، تجنبًا للمساءلة القانونية، خاصة في ظل وجود لجان رقابية تفحص بشكل دوري أوضاع هؤلاء العاملين. الامتياز الذي أصبح ممنوعًا وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الهيئة كانت تمنح هذا الحق بشكل ودي لبعض الموظفات المؤقتات خلال السنوات السابقة، لكن التنفيذ الرسمي لقرار الجهاز المركزي أدى إلى التوقف التام عن ذلك منذ عام 2022، وأضاف أن القرار يشمل فئات متعددة من العاملين داخل الهيئة، من بينهم أطباء وفنيون وكيميائيون وموظفو إدارات، يقدَّر عددهم بأكثر من 10 آلاف موظف وموظفة. وتختلف مدة العقود المؤقتة في الهيئة بين ثلاثة أشهر وستة أشهر، أو عام كامل، بحسب طبيعة المشروعات والاحتياجات، وهو ما يجعل هؤلاء العاملات في وضع هش من حيث الحقوق الوظيفية. مستند رسمي يدعم الحرمان وفي خطاب رسمي أكدت الإدارة العامة للموارد البشرية أن الرأي القانوني الذي حصلت عليه الهيئة انتهى إلى عدم أحقية المتعاقدات بنظام الفترات أو العقود اليومية في الحصول على ساعة رضاعة، لعدم انطباق شروط الفترات الإضافية عليهن، باعتبار أن هذه الامتيازات تُمنح فقط في إطار التعاقدات الدائمة أو العقود التي تُدرج فيها ساعات العمل بشكل محدد. لكن في محاولة لتقديم حل بديل، أشار الخطاب إلى أن الموظفة المتعاقدة يمكنها الحصول على ساعة رضاعة فقط في حال تقليص عدد ساعات العمل اليومية بموافقتها الصريحة، مقابل تخفيض الأجر بما يتناسب مع عدد الساعات الجديدة، وهو ما أثار حفيظة العديد من العاملات اللاتي اعتبرن هذا الشرط غير عادل. غضب واستياء: الأمومة لا تعرف نوع التعاقد داخل فروع الهيئة والمستشفيات التابعة لها، عبّرت العديد من الموظفات المتعاقدات عن استيائهن من القرار، مؤكدات أن الأمومة لا تتغير باختلاف نوع العقد، وأن حرمانهن من ساعة الرضاعة هو شكل من أشكال التمييز الوظيفي، يتعارض مع مبدأ المساواة في ظروف العمل وحق الطفل في الرضاعة الطبيعية. وقالت إحدى العاملات: "نحن نقوم بنفس المهام والمسؤوليات التي تؤديها الموظفات المعينات، فلماذا نُعامل كأننا أقل؟ هل الأمومة تُقاس بنوع العقد؟ هذا ظلم صريح". صحة الرضيع في مهبّ العمل المؤقت ويعد لبن الأم الغذاء الأمثل للرضع، بحسب منظمة الصحة العالمية، إذ يمدّ الطفل بجميع العناصر الغذائية التي يحتاجها خلال الأشهر الستة الأولى، ويستمر في توفير نسبة كبيرة من احتياجاته خلال العامين الأولين من عمره. ورغم هذه الحقيقة العلمية، فإن بيئات العمل، خاصة في القطاع الحكومي، ما زالت تضع العراقيل أمام الأمهات العاملات، لا سيما المؤقتات منهن. دعوات لمراجعة القرار في ظل هذه التطورات، يطالب عدد متزايد من العاملات المتضررات رئاسة الهيئة بإعادة النظر في القرار، وتقديم مقترحات بديلة تحفظ حقوق الأمومة دون المساس بحقوقهن الوظيفية، مؤكدين أن الرضاعة ليست ترفًا، بل ضرورة صحية وإنسانية يجب أن تتكفل بها الدولة ومؤسساتها.