خطر الإخلاء الجماعي.. هل يمهد تحرير الإيجار القديم الطريق لهيمنة العقارات الحكومية والاستثمارية؟
الخميس 24 أبريل 2025 08:20 م
بينما تتواصل الدعوات الرسمية والبرلمانية لتحديث قانون الإيجارات القديمة في مصر، حذّرت ورقة بحثية حديثة من سيناريو كارثي قد يُفضي إليه "تحرير العلاقة الإيجارية" دون وضع ضمانات اجتماعية صارمة، ملوحة بخطر استحواذ هيئات حكومية وشركات استثمارية على آلاف العقارات، ما يهدد استقرار نحو 1.6 مليون أسرة مصرية، ويهدد بتحويل أزمة الإسكان إلى كارثة عمرانية واجتماعية.
ورقة المفوضية: التحذير المبكر
التحذير جاء في ورقة بحثية أصدرتها المفوضية المصرية للحقوق والحريات تحت عنوان: "نظام الإيجار القديم والتحديات التشريعية والعمرانية في مصر"، أعدّها الباحث العمراني إبراهيم عز الدين، وقدمت قراءة معمّقة في تعقيدات النظام الحالي، وتقاطعاته القانونية والاجتماعية والاقتصادية، محذّرة من أن الإيجار القديم تحوّل من علاقة ثنائية بين مالك ومستأجر إلى صراع ثلاثي الأطراف، بعد دخول هيئات وشركات تسعى للهيمنة على سوق العقارات التاريخية في المدن الكبرى.
من يسيطر على العقارات القديمة؟
أبرزت الورقة أن النظام القديم، رغم ما يمنحه من استقرار سكني للمستأجرين، بات هدفًا مباشرًا لهيئات حكومية فاعلة في قطاع الإسكان، أبرزها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، إلى جانب شركات استثمارية مثل شركة الإسماعيلية ومصر لإدارة الأصول العقارية.
فالأولى – بحسب الورقة – منحتها الدولة منذ تعديل قانونها عام 2018 صلاحيات نزع ملكية أحياء كاملة، في تحوّل جذري يتيح لها إعادة توجيه الأصول السكنية الخاضعة للإيجار القديم إلى مشروعات استثمارية، أما الثانية، فاستحوذت بالفعل على آلاف الأمتار من المباني التراثية بوسط البلد، إما من خلال التسويات مع المستأجرين أو عبر عقود تنازل.
خطر الإخلاء القسري
تُقدّر الورقة أن نحو 7% من الأسر المصرية تقيم في وحدات خاضعة للإيجار القديم، وأن 81% منهم يتركزون في القاهرة الكبرى والإسكندرية والقليوبية. وبالنظر إلى أن 54% من هذه الوحدات تُستخدم لأغراض سكنية، فإن أي تحرير للعلاقة الإيجارية دون ضمانات قد يؤدي إلى موجات من الإخلاء القسري، خاصة في ظل الفجوة الشاسعة بين الإيجارات القديمة (التي قد لا تتجاوز 10 جنيهات شهريًا) ومستويات السوق الحالي.
تشريع مرتقب وتخوّف من غياب العدالة
على الرغم من صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية، ودعوة عبد الفتاح السيسي في أكتوبر 2023 لتعديل القانون، لم يُدرج المشروع رسميًا حتى الآن على أجندة البرلمان، ما يثير مخاوف من صدور تشريع مرتجل أو أحادي، قد يُمهّد الطريق لتحرير العلاقة دون عدالة أو تدرّج.
وترى المفوضية أن المهلة المتاحة أمام البرلمان – حتى نهاية الدورة الحالية في يونيو 2025 – غير كافية لصياغة قانون يوازن بين حماية حقوق المستأجرين وضمان استفادة عادلة للملاك، دون الانجرار وراء أطماع المستثمرين.
تسليع السكن: منطق السوق يُقصي الفقراء
تنتقد الورقة اعتماد الهيئة الحكومية وشركات الاستثمار على منطق "الربحية القصوى"، ومن بين السياسات المثيرة للجدل: بيع العقارات للمصريين في الخارج بالدولار، ما يفاقم أزمة الإسكان ويُقصي الفئات محدودة ومتوسطة الدخل، في ظل غياب مشاريع سكنية ميسورة التكلفة، وتراجع دور الدولة كمُنتج للسكن لا كمُضارب.
توصيات عاجلة
دعت المفوضية إلى تبني حزمة سياسات شاملة، من أبرزها:
-
فرض رقابة صارمة على سوق العقارات لكبح المضاربة.
-
اعتماد ضرائب عقارية تصاعدية لضبط النشاط الربحي.
-
إعادة تمكين الدولة من إنتاج الإسكان الاجتماعي.
-
فرض نسب إلزامية على المطورين لتخصيص وحدات لغير القادرين.
-
تقديم دعم مباشر عبر برامج قروض وتأجير تمليكي.
-
مراجعة قوانين التنمية العمرانية وتقييد الإخلاء القسري.
-
حماية المباني التاريخية من البيع أو الهدم.
-
إنشاء صندوق دعم القيمة الإيجارية للمستأجرين والملاك، بتمويل من الدولة وعوائد التصالح في مخالفات البناء.
للاطلاع علي الورقة من هنا:
https://www.ec-rf.net/wp-content/uploads/2025/04/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85-01.pdf