حذر مراقبون من أن الأسواق الناشئة تعاني بظل تصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وأن مصر واحدة من أكبر 3 أسواق في العالم أشد معاناة، معها تركيا والأرجنتين، وحذر مراقبون من أن "انهيار الثقة في العملة المحلية، وتآكل مصداقية السياسة النقدية، وعبء دين خارجي يتضخم مع كل انخفاض جديد في سعر الصرف" تشكل ثلاثتها قاسمًا مشتركًا رغم اختلاف السياقات السياسية والاقتصادية.
وأضاف أن الخناق على نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي الذي لم يعد أمامه مفر من إعلان إفلاس البلاد وعجزها عن سداد أقساط وفوائد الديون، بسبب تراجع الإنتاج في كافة المجالات وتراجع العائد الدولاري بسبب تراجع الصادرات.
وقال الأكاديمي والخبير الاقتصادي د.مخلص الناظر أنه "إذا كانت الأرجنتين تمثّل نموذج الأزمة المزمنة، وتركيا تمثّل نموذج الأزمة المؤجلة، فإن مصر اليوم تمثّل نموذج الأزمة المُمأسسة:
•سلسلة تخفيضات للعملة خلال فترة قصيرة.
•اعتماد كبير على التمويل الخارجي قصير الأجل.
•تفاوت حاد بين السعر الرسمي والموازي.
•التزامات ضخمة بالدولار في ظل تراجع في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.
•محاولات دائمة لإعادة هيكلة الثقة.
وعن فرق جوهري بين انهيارات الأسواق الناشئة في 2018 و2025 أوضح أنه "في 2018، كانت السياسات النقدية العالمية لا تزال مرنة نسبيًا، مع استعداد نسبي للتدخل. أما اليوم، فالعالم يعيش في ظل سياسة نقدية أكثر تشددًا، وتضييق مستمر في السيولة، وارتفاع تاريخي في تكلفة التمويل الخارجي.".
وعبر @Dr_MokhlesNazer أشار إلى تشابه مذهل بين 2018 و2025 موضحًا أنه "في منتصف عام 2018، وبينما كانت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تشتد، تحولت الأسواق الناشئة إلى مسرح لأزمات متتالية. الأرجنتين وتركيا كانتا في قلب العاصفة؛ كلما هدأت الأزمة في إحدى العاصمتين، اشتعلت في الأخرى. كان المشهد أشبه برقصة أزمات متبادلة، حتى جاء صيف ذلك العام، وانهارت أعصاب المستثمرين، لتبدأ موجة بيع جماعي اجتاحت عملات وسندات الأسواق الناشئة.".
وأضاف أن "الدرس آنذاك كان واضحًا: في عالم مترابط، الأزمات لا تبقى محلية. عندما تتآكل الثقة، تنتقل العدوى بسرعة، وتتجاوز حدود الجغرافيا والمؤشرات الاقتصادية.
وعن عوارض التشابه ونحن في منتصف 2025، تتكرر المشاهد بطريقة مقلقة:
•تثبيت غير مستدام للعملات (كما هو الحال في تركيا، مصر، والأرجنتين).
•استنزاف متسارع لاحتياطيات النقد الأجنبي.
•ضغوط متنامية على السيولة، خصوصًا السيولة الدولارية.
•تصاعد التوترات الجيوسياسية وتعدد البؤر الساخنة عالميًا.
•عودة السردية القديمة: الأسواق الناشئة هي الحلقة الأضعف عند اشتداد التوترات العالمية.
وأخذ "الناظر" في الاعتبار "الهشاشة نفسها… لكن أدوات الدعم أصبحت أضعف" مبينًا أنه "من المهم اليوم ألا نغفل عن المؤشرات الصغيرة التي تسبق الانفجارات الكبيرة. ما بدأ في دولة واحدة قد لا يتوقف عندها. الأسواق الناشئة لا تنهار دفعة واحدة، بل تباعًا، ومع كل أزمة جديدة، تصبح وتيرة العدوى أسرع وأعمق.. إذا كنا قد تعلمنا شيئًا من أزمة 2018، فهو أن تجاهل التشابهات لا يمنع تكرار النتائج. العالم قد لا يعيد كتابة نفس الفصل، لكنه غالبًا ما يعيد استخدام نفس السيناريوهات — مع تغييرات طفيفة في الأسماء والتواريخ فقط".
https://x.com/Dr_MokhlesNazer/status/1914028329474363578
وعن النموذج الأرجنتيني الذي يمثل كابوسًا اقتصاديًا للدول ومنها مصر، قال الباحث الاقتصادي محمد النجار إن خطط حكومة الانقلاب بالسير على برامج صندوق النقد وحلوله الهامشية نهايته الأرجنتين، وقال إن 3 دول قامت بعقد اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي واستدانت بكثافة، وأصبحت ديونها عبئًا كبيرًا على الاقتصاد وهياكل الاقتصاد متشابهة إلى حد كبير وهي: مصر وتركيا والأرجنتين.
و عبر فيسبوك Mohamed Alnaggar أضاف أن رئيس الأرجنتين المنتخب أصدر عدة قرارات وقال إنه لارجعة فيها
١-إلغاء البنك المركزي نهائيًا يعني مافيش بنك مركزي.
٢-دولرة الاقتصاد كله هيتحسب بالدولار.
٣-بيع كل الشركات الحكومية.
وأضاف أن توابع ذلك أن معدل الفائدة في الأرجنتين وصل إلى 81٪ والدولار يوازي 356 بيزو، وأنه قبل عشر سنوات وقبل بداية رحلة الأرجنتين مع "صندوق النقد" كان الدولار يساوي 5 بيزو! وفي تركيا رفعت الفائدة إلي 30٪ والدولار يوازي حوالي 29 ليرة تركية.
وعن رحلة مصر مع الصندوق وخططه قال إنها بدأت مع الصندوق عام 2016 حيث وصل سعر الفائدة 20٪ وثبتت الفائدة في آخر اجتماع في قرار غريب وعجيب رغم وصول التضخم لحاجز 40٪ لتصبح أعلي فائدة سلبية في العالم أي أن المودع حقيقة يخسر 20٪ من أمواله مما ساهم في تدهور قيمة الجنيه...".
واعتبر أن قرار تثبيت سعر الفائدة كان خاطئًا ولابد أن تزيد الفائدة عن التضخم أو تكون قريبة من مستوياته علي أقل تقدير، أي إن كانت أسباب التضخم، معلقًا أن ما يحدث هو طريق الصندوق الذي اخترتموه ونهايته معروفة للأسف…. سكة الأرجنتين".
وكانت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيف الائتماني في تقرير لها في شهر إبريل 2022 أشار إلى أن مصر تستحوذ على 0.6% من إجمالي الديون التجارية في العالم، وهي نسبة مرتفعة إذا ما قورنت بالعديد من الدول المماثلة لمصر، أو إذا ما قورنت بالاقتصادات الناشئة، حيث تشكل تركيا مثلاً 0.3% فقط من إجمالي الديون التجارية في العالم، وكذلك باكستان تُشكل النسبة ذاتها.
وسبق أن أوضح المحلل المحالي إبراهيم النمر أن إشارة صندوق النقد الدولي إلى أن الأسواق الناشئة معرضة بشكل خاص لمشكلات الديون، حيث تفاقمت الديون القياسية التي نتجت عن فترة الجائحة بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا.
وأبرز تصريحات الصندوق أن الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية ذات الاحتياجات التمويلية الخارجية الكبيرة والديون المقومة بالدولار قد تواجه صعوبات في مواصلة سداد تلك الديون وسط صدمات أسعار الطاقة والغذاء، وتدفقات رأس المال الخارجة، وارتفاع الدولار.
ومبكرًا دفعت موجة ارتفاع الأسعار الكبيرة في مصر، المصريين إلى "تقنين الوجبات الغذائية"، في محاولة للتكيف مع تداعيات الانخفاضات المتتالية للجنيه أمام الدولار، وسبق أن تحرك الجيش، بأوامر من "السيسي" لمواجهة ظاهرة اختفاء عدد من السلع من الأسواق على وقع أزمات.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل اللحوم، إضافة للملابس والنقل والأدوية، شهدت ولا تزال، ارتفاعات جنونية في مصر، مع انخفاض قيمة الجنيه بنسبة 36.5% العام الماضي مقابل الدولار الأمريكي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجنيه كان ثالث أسوأ عملة أداءً في العالم بعد الروبية السريلانكية والبيزو الأرجنتيني، وبلغ معدل التضخم السنوي بمصر في العام 2023 نحو24.4٪، وفق بيانات صندوق النقد الدولي، وارتفع معدل التضخم السنوي في العام 2024 إلى 33.3٪.
ودأب مسؤولو الانقلاب ومنهم محمد معيط، رئيس هيئة التأمين الصحي الشامل، وممثل المجموعة العربية والمالديف في صندوق النقد الدولي، ووزير المالية السابق، على ترديد أرقام مضللة بخصوص الانقلاب وقال معيط: فجأة التضخم بقى واصل لـ15 و14% في الدول المتقدمة.
ورصد مراقبون أن معدل التضخم السنوي في دول أوروبا الغربية في العام 2023 بلغ نحو 5.5٪، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي، ومعدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة الأمريكية بلغ نحو4.1٪ خلال ذات الفترة، بحسب "النقد الدولي"، ولم يصل في كليهما إلى 15٪ أوحتى 14٪ كما ادعى معيط.
وانخفض معدل التضخم السنوي بدول أوروبا الغربية في العام 2024 إلى 2.4٪، وفي الولايات المتحدة الأمريكية إلى 3٪.

