وصل وفد رفيع من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) برئاسة خليل الحية، رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في الحركة، إلى العاصمة المصرية القاهرة، في محاولة جديدة لإحياء مساعي التهدئة ووقف إطلاق النار، بدعوة مباشرة من الجانب المصري.

وتأتي هذه الزيارة في وقت بالغ الحساسية، إذ تسير الجهود السياسية على حافة الانهيار، بينما تتزايد الضغوط الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب، وسط اتهامات متصاعدة لإسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، واستمرار الحصار الخانق على القطاع، وتردٍ كارثي للوضع الصحي والإنساني.

تحركات سياسية وسط النار
بيان رسمي صدر عن حماس أكد أن الوفد سيلتقي بوسطاء من مصر وقطر، ضمن جهد متكامل لاستئناف المفاوضات المتعثرة منذ أسابيع، وسط ترقب فلسطيني وعربي ودولي لأي مؤشرات تدل على انفراج سياسي قريب.

وقالت الحركة إنّها “تتعامل بإيجابية مع أي مقترحات تضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحابًا كاملًا لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، والتوصل إلى صفقة تبادل جادة”.

ويُفهم من هذا التصريح أن حماس لا تزال متمسكة بشروطها الأساسية التي تعتبرها جوهرية لإنهاء الحرب، وعلى رأسها انسحاب الاحتلال، وعودة المهجرين، ورفع الحصار، وضمانات بعدم تكرار العدوان، وهي مطالب ما زالت تصطدم برفض إسرائيل المطلق حتى اللحظة.

فشل الجولة السابقة... وتبعاته
تأتي هذه الجولة في أعقاب فشل تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق تبادل الأسرى الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير 2025، بعد وساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي.

وقد شهدت المرحلة الأولى من الاتفاق التزامًا من جانب حماس ببنود الصفقة، إلا أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تراجع عن استكمالها، متأثرًا بضغط الأحزاب اليمينية المتطرفة داخل ائتلافه الحكومي، ما فجّر الأزمة من جديد، وفتح الباب أمام استئناف الهجوم الإسرائيلي في 18 مارس الماضي.

حصيلة كارثية للحرب... والمفاوضات في سباق مع الوقت
منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، بلغت حصيلة الضحايا الفلسطينيين أكثر من 166 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى نحو 14 ألف مفقود، في ظل دمار هائل طال البنى التحتية، والمستشفيات، والمراكز التعليمية، ومخيمات النازحين.

ويواجه الوفد الفلسطيني في القاهرة مهمة شاقة في ظل غموض الموقف الإسرائيلي، خاصة بعد التصريحات المتكررة لنتنياهو بأن الحرب لن تتوقف قبل "تحقيق أهدافها"، في إشارة ضمنية إلى القضاء على حماس و"تفكيك بنيتها العسكرية"، وهو هدف يبدو بعيد المنال وفق مراقبين.

آفاق المرحلة المقبلة
وفق مصادر قريبة من المفاوضات، فإن المباحثات في القاهرة قد تتركز حول خريطة طريق جديدة تشمل وقفًا مرحليًا لإطلاق النار، وضمانات دولية للإفراج عن الأسرى من الجانبين، وتسهيل دخول المساعدات، على أن تُبحث الملفات الكبرى لاحقًا، بما في ذلك مستقبل الحكم في قطاع غزة.

غير أن نجاح الجولة الحالية مرتبط بمدى استعداد إسرائيل لتقديم تنازلات جوهرية، وهو ما يبدو مستبعدًا في الوقت الراهن، في ظل استمرار الرؤية الأمنية للحكومة الإسرائيلية وتغوُّل الخطاب اليميني المتطرف.