يستذكر العراقيون والأمة العربية والإسلامية في مثل هذا اليوم مشاهد دخول القوات الأميركية إلى قلب العاصمة بغداد في التاسع من إبريل 2003 بعد نحو 3 أسابيع من القصف العنيف والمعارك غير المتكافئة، لتبدأ دوامة من الفوضى والنهب والدمار.
وبدأت الحرب بحملة قصف عنيفة أطلق عليها "الصدمة والترويع"، حيث تلقت بغداد وحدها ألف غارة جوية في ليلة واحدة.
خسائر معنوية ومادية وبشرية
وحول خسائر الغزو تقول أستاذة تاريخ آسيا الحديث والمعاصر الدكتورة خولة طالب لفتة، إن هناك تضاربًا في أعداد القتلى من العراقيين، إذ أفادت دراسة أعدها معهد الاستطلاع البريطاني بسقوط نحو مليون عراقي خلال الفترة من عام 2003-2007.
وتضيف، أن تقرير المجلة العلمية البريطانية "ذا لانسيت" الذي صدر عام 2006، قدر عدد القتلى العراقيين بنحو 655 ألف قتيل منذ الغزو، في حين أشارت منظمة الصحة العالمية إلى مقتل 140-230 ألف عراقي وهو عدد قريب من تقديرات وثائق ويكيليكس المسربة في عام 2010 والتي أشارت إلى مقتل حوالي 109 آلاف عراقي، بينما اعترف الجيش الأميركي بمقتل 77 ألف عراقي بينهم 63 ألف مدني.
وفي ما يخص الخسائر المادية تذكر لفتة أنها كانت ضخمة، ابتداء بتدمير البنى التحتية، وما رافق الغزو من عمليات سلب ونهب وحرق طال أغلب الوزارات والمؤسسات الحكومية، إضافة إلى نهب المتاحف.
وتشير إلى أن الخسائر النفسية التي تعرض لها العراقيون لا يمكن قياسها، فقد تحطمت نفسية المواطن الذي يؤرقه ضياع الوطن، وغموض المستقبل.
إضعاف العراق كقوة أمام الصهاينة
وكما يقول الكاتب والمحلل السياسي بهاء خليل إن عملية الغزو أفرزت تداعيات ملموسة على دول المنطقة الإقليمية، منها ما اتصل بمسألة توازن القوى الإقليمي لصالح تسيد قوتين إقليميتين غير عربيتين، فضلاً عن ذلك فقد حدثت تبدلات في العلاقات السياسية التي حكمت دول المنطقة.
ويردف أن غزو العراق أخرج القوة العراقية من معادلة التوازن المكافئ للقوة الإسرائيلية وهي في طريقها للهيمنة إقليميًا بما يضمن تفوقها المطلق.
ويحذر الباحث العراقي من أن استمرار حالة التشظي السياسي والاجتماعي في العراق لها انعكاسات إقليمية تتبع بالضرورة طبيعة الاتجاه الفكري للرؤية السياسية العراقية، والتي قد تتبنى توجهات مختلفة وربما تكون متناقضة.
لكن هذا لا يعفي الدول الإقليمية من تلقيها انعكاسات التشظي العراقي بما قد يفضي إلى تأثيرات على توجهات نخبها السياسية ونسيجها الاجتماعي، وبما يرسم أدوارًا سياسية جديدة لدول المنطقة ربما لا تكون متناغمة مع اتجاهاتها السابقة.
إسرائيل أكثر المستفيدين
ويرى الخبير الاستراتيجي العراقي الدكتور سعد ناجي جواد أنه بالتاكيد أن إسرائيل هي أكثر المستفيدين فلو كان هناك قيادات عربية وازنة لما استطاع الاحتلال الاسرائيلي ان يرتكب كل هذه المجازر، ولو أن عميلة الطوفان قد تبعتها عمليات مشابهة عن طريق فتح جبهات أخرى لما تمكن جيش الاحتلال أن يستفرد بغزة بهذه الوحشية التي تنم عن نفوس وعقول مريضة.
وبالمناسبة فان من يعتقد أن نتنياهو ووزراءه المتطرفين هم وحدهم من يمتلك هذه النزعة الإجرامية الدموية فهو خاطيء، لأن أحدث استطلاعات الرأي التي جرت في داخل فلسطين المحتلة، تقول إن 88% من الإسرائيليين يؤيدون عمليات جيش الاحتلال والقتل والمجازر في غزة ويطالبون باستمرارها، وأن 63% من الإسرائيلين لا يزالون يرفضون فكرة إقامة دولة فلسطينية، (حسب الكاتبة الإسرائيلية Mirave Zonszein، والتي نشرت ذلك في مجلة Foreign Policy).
وأكد ناجي أن هذا الإصرار والتمادي من الجانب الصهيوني والأمريكي، لم يكن ليحدث لولا نجاح التحالف الأمريكي- البريطاني- الصهيوني في إخراج أهم الدول العربية من معادلة الأمن القومي العربي، وعلى رأسها العراق، وجعلها إما دولاً ضعيفة مفككة، أو خاضعة لإرادة ذلك التحالف.