يبدو أن قناع الظل سقط عن وجه البلطجي إبراهيم العرجاني وأصبح رجل أعمال، كما أضحى الرجل الاقتصادي الأول في مصر والذي يسعى للسيطرة على مفاصل الاقتصاد المصري ليكون بديلا مدنيا لمؤسسات الجيش، الذي طلب منه صندوق النقد الخروج من المشهد الاقتصادي في مصر.
وأعلنت شركة “أو دي آي”، التابعة لمجموعة العرجاني، استعدادها للاستحواذ على 26.25% من أسهم شركة “مصر الوطنية للصلب” (عتاقة)، المملوكة لمجموعة “الجارحي”، في صفقة تقدر قيمتها بـ1.9 مليار جنيه.
وأوضحت الشركة، في بيان، أن تنفيذ الصفقة يتوقف على استكمال الفحص النافي للجهالة، إلى جانب الحصول على موافقة الجهات الرقابية وجهاز حماية المنافسة.
وقد تم تقييم شركة “عتاقة” بقيمة إجمالية تبلغ 7.24 مليار جنيه، وفقًا لموقع “الشرق بلومبرج” الثلاثاء 11 مارس 2025.
العرجاني في طريقه للاستحواذ على كل شيئ
أشار عصام العرجاني، الرئيس التنفيذي للمجموعة، إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية التوسع التي تتبناها الشركة في قطاعات مختلفة، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
من جانبه، اعتبر محمد الجارحي العضو المنتدب لمجموعة “الجارحي”، أن الشراكة “ستساهم في توسيع الأنشطة الصناعية للمجموعتين وتعزيز الإنتاج المحلي”، واعتبرها “خطوة مهمة نحو تحقيق التكامل الصناعي، وتعزيز القدرات الإنتاجية للدولة المصرية”.
توسيع الأنشطة الصناعية للمجموعتين
تأسست أولى شركات مجموعة “العرجاني” في 2010 لتكون المظلة القابضة لمجموعة شركات تعمل في مجالات مختلفة كالاستيراد والتصدير، والخدمات اللوجستية، والتطوير العقاري، والتشييد والبناء، والنقل، والتنمية الزراعية، والخرسانة الجاهزة.
تستهدف مجموعة العرجاني استثمار مليار دولار بقطاعي السيارات والسياحة خلال 5 أعوام مقبلة، موزعة مناصفة بين القطاعين، حسبما ذكر رئيسها التنفيذي في تصريحات صحفية مطلع يناير الجاري، كما تخطط لزيادة حجم أعمال قطاع المقاولات والإنشاءات لديها بنسبة 150% إلى 5 مليارات دولار من مليارين حاليًا، على حد قوله.
وبعد أن كان نشاطها قاصراً على مصر عبر قرابة 16 شركة تابعة لها، لا يُعرف على وجه الدقة حجم إيراداتها ولا أرباحها، بسبب تداخل جهات رسمية مصرية ما يفسر سرّ الصعود السريع والنفوذ المتزايد في البيزنس، توسّعت المجموعة للاستثمار خارج مصر في مشاريع عدة داخل ليبيا والسعودية والإمارات والصين وتستعد لمشروعها الأكبر المحتمل في تعمير غزّة.
من مهرب حدودي إلى “إمبراطور الاقتصاد”
تُعد رحلة صعود إبراهيم العرجاني من مُطارد من قبل قوات الأمن كونه مجرمًا سابقًا ومتورطًا في اختطاف جنود وضباط مصريين في سيناء، إلى واحد من أبرز وجوه المال والأعمال وأحد المقربين من رأس السلطة في مصر والشريك الأكبر والأساسي للمؤسسة العسكرية في خارطة مشروعاتها ومن قبل عملياتها العسكرية على الحدود الشرقية، أحد الرحلات التي يجب التوقف عندها مليًا لما تحمله من مفاجآت وقفزات غير مفهومة في كثير من محطاتها.
واستطاع رئيس اتحاد قبائل سيناء أن يتوغل بشكل مٌلفت في جميع الساحات، الاقتصادية والسياسية والرياضية، بل والأمنية، وتصاعد نفوذه بشكل مقلق وغير مستوعب، لاسيما بعدما بات رئيسًا لاتحاد القبائل والعائلات العربية، مايو الماضي، حتى عده البعض خليفة محتمل للسيسي في مرحلة لاحقة.
ويواجه العرجاني قائمة مطولة من الاتهامات حول منظومة أعماله خارج إطار القانون كتجارة السلاح والمخدرات والذهب، وصولًا إلى فرض الإتاوات على الفلسطينيين منذ بداية حرب غزة، وإجبارهم على دفع مبالغ باهظة نظير دخولهم من معبر رفح للأراضي المصرية، وهي الاتهامات التي وثقها الكثير من شهود العيان من الفلسطينيين وينفيها العرجاني وشركته “هلا” التي تدير عمليات الدخول من وإلى المعبر.
ومؤخرًا فرض الشيخ السيناوي، نفسه على الساحة السياسية، بتأسيسه لحزب “الجبهة الوطنية” المٌشهر مؤخرًا، والذي يتوقع أن يكون الحزب الأكثر استحواذًا على المشهد مع أول استحقاق انتخابي قادم نهاية هذا العام، حيث الانتخابات البرلمانية، وذلك بعدما ضم الحزب نخبة كبيرة من الساسة ورجالات الدولة وكبار المسؤولين ما بين وزراء ورؤساء برلمان سابقين، وإعلاميين وخبراء اقتصاديين، فيما وصفه البعض بـ”حزب السيسي” أو “حزب الدولة” إلى جوار حزب “مستقبل وطن” الذي يهمين على الخارطة البرلمانية حاليًا.
بتلك الشبكة المعقدة من العلاقات السياسية مع قيادات الصف الأول للنظام الحالي، وتلك الامبراطورية الاقتصادية الضخمة، وهذه الأرضية المشتركة من تبادل المصالح مع المؤسسة العسكرية وجهازي المخابرات العامة والحربية، بات العرجاني الرجل الثاني في الدولة بعد السيسي، والشخصية الأكثر حضورًا ونفوذًا في المشهد خلال العامين الأخيرين تحديدًا، حيث أصبح البديل الأنسب لمؤسسات الجيش التي يطالبها صندوق النقد للخروج من المشهد السياسي في مصر.
وتصاعد القلق من وضع العرجاني الذي يدعم التقسيم القبلي والطائفي، ويهدد الوحدة الوطنية واللحمة المجتمعية، ويثير النعرات الطائفية داخل المجتمع المصري، ليبقى السؤال الأهم الآن والذي يفرض نفسه: من الذي يحمي العرجاني ليعربد بهذه الطريقة التي تشتبك مع واحدة من أهم ركائز المجتمع المصري؟ ولماذا تغض الدولة الطرف عنه رغم حالة القلق التي تخيم على الشارع المصري بسبب زيادة نفةذه واستثماراته التي لا يعلم أحد مصدرها ما يهدد الأمن القومي في مصر.