يشهد شهر رمضان في مصر هذا العام مشهداً استثنائياً يعكس التضامن الشعبي العميق مع القضية الفلسطينية، حيث امتزجت أجواء الشهر الكريم بروح الدعم والمساندة لغزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي.

وفي الأسواق والشوارع، يبرز علم فلسطين بين الزينة الرمضانية، وتنتشر المنتجات التي تحمل أسماء ذات دلالات مرتبطة بالقضية الفلسطينية، ما يعكس اندماج مشاعر المصريين الوطنية بتراثهم الثقافي والديني.
 

رمضان بروح المقاومة.. زينة وعلامات تضامن
   لم تقتصر الزينة الرمضانية هذا العام على الفوانيس التقليدية والزخارف المعتادة، بل امتدت لتشمل أعلام فلسطين التي تزين الشوارع والميادين وحتى المنازل، كما ظهرت "فوانيس الملثم"، التي تحمل صورة رمزية لأبو عبيدة، الناطق الإعلامي لكتائب عز الدين القسام، ما جعلها الأكثر طلباً بين الأطفال والكبار.

يقول محمود عبد الفتاح، أحد منظمي مبادرة "صندوق رمضان"، إن المبادرة التي بدأت بهدف جمع التبرعات لشراء زينة رمضان، تحولت إلى مشروع يحمل رسالة سياسية، حيث تم دمج علم فلسطين في التصميمات بهدف تذكير الجميع بالقضية الفلسطينية، وأضاف: "الفانوس وزينة الشوارع ليسا مجرد رموز للفرح، بل يمكنهما أن يكونا أيضاً وسيلة للتعبير عن التضامن".
 

تمور غزة ورفح.. رسائل تضامن عبر الأسواق
   لم تقتصر المظاهر التضامنية على الزينة، بل انعكست أيضاً في السوق، حيث لجأ التجار إلى إطلاق أسماء مستوحاة من القضية الفلسطينية على أصناف من التمور، مثل "بلح غزة العربية" و"بلح رفح المصرية"، كطريقة لدعم الفلسطينيين ضد التهجير والعدوان.

وفي سوق المنشية الشهير بالإسكندرية، يقول التاجر محمد حمدان: "هذه الخطوة جاءت تعبيراً عن تضامننا مع أهل غزة، وهي وسيلة لنؤكد أن القضية الفلسطينية ليست مجرد أخبار، بل هي قضية كل عربي".

الزبائن تفاعلوا مع هذه الظاهرة، فمنهم من وجدها لفتة إيجابية تستحق الدعم، بينما اعتبرها آخرون نوعاً من استغلال القضية لجذب الانتباه.
أحمد السيد (51 عاماً)، أحد الزبائن، قال: "أعجبتني الفكرة وقررت شراء بلح غزة العربية دعماً للقضية الفلسطينية. هذه رسالة بسيطة، لكنها تعبّر عن تضامننا".
 

التضامن في الوعي الشعبي المصري
   وفقاً للخبير الاقتصادي محمود عيسى، فإن "الاستثمار في المشاعر السياسية خلال الأزمات أمر شائع، إذ يتحول الاستهلاك إلى سلوك تضامني.
وفي ظل الأزمة الفلسطينية، وجد المصريون في السوق فرصة لإظهار دعمهم لغزة، سواء عبر مقاطعة المنتجات المرتبطة بإسرائيل، أو شراء السلع التي تعكس موقفهم السياسي".

وأشار عيسى إلى أن هذا الاتجاه يعكس تحولاً في وعي المصريين، حيث لم يعد التضامن مقتصراً على التظاهرات أو الشعارات، بل أصبح يُترجم إلى ممارسات ملموسة، مثل تزيين البيوت بأعلام فلسطين، وشراء المنتجات ذات الدلالات التضامنية.
وأضاف: "إذا استمرت الأوضاع في غزة، فمن المرجح أن تصبح هذه الظاهرة جزءاً من ثقافة السوق المصرية في رمضان وغيره من المناسبات".