تسارع حكومة السيسي خطواتها نحو بيع المزيد من الأصول المملوكة للدولة، استباقًا لقرار صندوق النقد الدولي المنتظر في 10 مارس الجاري بشأن الموافقة على الشريحة الرابعة من القرض.
وأفادت مصادر حكومية بأن صندوق مصر السيادي شكَّل لجنة لحصر جميع الشركات الحكومية تمهيدًا لضمها إليه، قبل طرحها للبيع لمستثمرين أجانب أو محليين.
 

اتساع رقعة الخصخصة والضغط المالي
   كشف صندوق النقد الدولي، في أغسطس الماضي، عن خطط مصر لبيع أربعة أصول بقيمة 3.6 مليارات دولار خلال العام المالي 2024/2025، بعد أن حققت الحكومة مبيعات أصول بقيمة 2.2 مليار دولار فقط خلال 2023/2024، وهو أقل من المستهدف البالغ 2.8 مليار دولار.
وأكد الصندوق حينها ضرورة تعويض الفرق خلال فترة القرض، ضمن التزام الحكومة بتحقيق 8.7 مليارات دولار من عمليات بيع الأصول.

وفقًا لمصادر صحفية محلية، يشمل الحصر الجديد شركات قطاع الأعمال، بالإضافة إلى الشركات المملوكة لبنك الاستثمار القومي وجهات حكومية أخرى.
وأوضحت المصادر أن اللجنة ستصنف الشركات حسب سهولة ضمها لصندوق ما قبل الطروحات، على أن يتم الانتهاء من عمليات الحصر خلال الربع الثاني من العام الجاري.
 

إعادة هيكلة الأصول الحكومية
   أكد وزير الاستثمار والمدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي، حسن الخطيب، الأربعاء الماضي، أن الحكومة تسعى لتعزيز العوائد على أصولها عبر ضمها إلى الصندوق السيادي.
وتم تأسيس صندوق مصر السيادي عام 2018 برأس مال يُقدَّر بنحو 12.7 مليار دولار، ويدير حاليًا أصولًا بقيمة 637 مليون دولار، كما أنشأ أربعة صناديق فرعية تعمل في مجالات متنوعة.

وأسس الصندوق السيادي المصري صندوقًا فرعيًا مخصصًا لطرح الحصص الاستثمارية، بقيمة محفظة تتراوح بين خمسة وستة مليارات دولار.
وتضم قائمة الشركات المستهدف بيع حصص منها: الوطنية للمشروعات الإنتاجية "صافي"، مصر لتأمينات الحياة، المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطي "إيلاب"، الوطنية لبيع المنتجات البترولية "وطنية"، بنك القاهرة، الصالحية للاستثمار الزراعي، إيثيدكو، والحفر المصرية.
 

اجتماع حاسم لصندوق النقد الدولي
   يستعد المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي لعقد اجتماع مهم في 10 مارس، حيث يناقش طلبات مصر بتخفيف بعض الشروط أو تعديل الجداول الزمنية الخاصة بالبرنامج الاقتصادي، إلى جانب تمويلات جديدة ضمن مرفق الصلابة والاستدامة.
ومن المقرر أن يعتمد الصندوق المراجعة الرابعة لبرنامج قرض مصر البالغ ثمانية مليارات دولار، مما يتيح صرف شريحة بقيمة 1.2 مليار دولار.

وفي ظل استمرار التحديات الاقتصادية، كشفت مديرة إدارة التواصل في صندوق النقد، جولي كوزاك، أن الصندوق يخطط للإعلان عن اتفاقية قرض جديدة لمصر.
ومن المنتظر أن يعرض المجلس التنفيذي للصندوق هذه الاتفاقية للمصادقة عليها، ضمن حزمة إصلاحات مالية واسعة تشمل تخفيف الدعم وزيادة الضرائب.
 

تداعيات التعويم وارتفاع الدين العام
   في السادس من مارس 2024، قرر البنك المركزي تحرير سعر الصرف، مما أدى إلى فقدان الجنيه المصري نحو 40% من قيمته، حيث تراجع من 30.95 جنيهًا للدولار في نهاية 2023 إلى 50.95 جنيهًا للدولار بعد التعويم، بينما استقر حاليًا عند 50.68 جنيهًا.

وقد انعكست هذه التغيرات الاقتصادية على معيشة المواطنين، حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير، ما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية.
كما تراجع الحد الأدنى للأجور في مصر بما يزيد على 55 دولارًا، حيث كان يعادل 194 دولارًا عند رفعه إلى ستة آلاف جنيه في مارس 2024، مقابل 118 دولارًا فقط حاليًا.

من جانب آخر، ارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 155.2 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2024، بزيادة 2.3 مليار دولار خلال ثلاثة أشهر.
وتجاوز الدين الخارجي لمصر أكثر من ثلاثة أضعاف قيمته في عام 2014، حيث كان حينها يبلغ 46 مليار دولار. ويعزى هذا الارتفاع الكبير إلى الإنفاق الضخم على مشاريع قومية مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والقطار الكهربائي السريع، والمونوريل، إلى جانب صفقات تسليح كبرى.