أدى الصراع المستمر في السودان إلى أكبر أزمة نزوح قسري في العالم، حيث فرّ أكثر من 12 مليون شخص من منازلهم، منهم أكثر من 3 ملايين لاجئ إلى الدول المجاورة. تستضيف مصر العدد الأكبر من اللاجئين السودانيين، لكنهم يواجهون تحديات متزايدة، خاصة مع إقرار قانون اللجوء الجديد في ديسمبر 2024، الذي يهدد بتفاقم أوضاعهم من خلال فرض قيود صارمة قد تؤدي إلى الاعتقال والترحيل القسري.
يمنح القانون الجديد الحكومة المصرية سلطات واسعة لاستبعاد اللاجئين لأسباب تتعلق بـ"الأمن القومي" دون معايير واضحة، كما يجرّم الدخول غير النظامي إلى البلاد، ويهدد العاملين في المنظمات غير الحكومية الذين يساعدون اللاجئين. ولم تتم استشارة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) أو منظمات المجتمع المدني في صياغة القانون، مما يثير مخاوف بشأن تأثيره على أوضاع اللاجئين السودانيين الذين يعانون بالفعل من تدهور الحماية والخدمات الأساسية.
ويوضح تقرير نشره الموقع الإلكتروني لمنظمة اللاجئين الدولية التحديات التي يواجهها اللاجئون السودانيون في مصر.
الخوف من الترحيل القسري
منذ منتصف عام 2023، ازدادت عمليات الاعتقال والترحيل القسري للسودانيين، بما في ذلك الحاصلون على بطاقات لجوء من مفوضية اللاجئين.
وشملت هذه العمليات مداهمات في الأحياء التي يسكنها اللاجئون، مما جعلهم يعيشون في خوف دائم من الترحيل إلى السودان، حيث يتعرضون لمخاطر كبيرة.
الصعوبات الاقتصادية والعمالة غير النظامية
نظراً لصعوبة الحصول على تصاريح العمل، يضطر العديد من السودانيين للعمل في وظائف غير رسمية مثل البناء أو الخدمة المنزلية، مما يعرضهم للاستغلال.
القانون الجديد يزيد من تعقيد الوضع، حيث يمكن أن يؤدي إلى محاكمات جنائية لمن يعملون أو يساعدون اللاجئين دون تصاريح رسمية.
إغلاق المدارس وصعوبة الحصول على التعليم
أغلقت السلطات المصرية أكثر من 50 مدرسة سودانية بحجة عدم وجود تراخيص رسمية، مما حرم عشرات الآلاف من الأطفال السودانيين من مواصلة تعليمهم. التعليم في المدارس الحكومية المصرية متاح نظرياً، لكنه يتطلب تصاريح إقامة يصعب الحصول عليها، إضافة إلى تعرض الأطفال السودانيين للتمييز والتنمر في المدارس.
تدهور الخدمات الصحية
رغم أن القوانين تنص على منح اللاجئين حق الوصول إلى الخدمات الصحية، إلا أن السودانيين يواجهون صعوبات في تلقي العلاج، حيث تطالب بعض المستشفيات بوثائق إقامة أو تفرض رسومًا باهظة.
وتعاني النساء اللاجئات، خاصة الناجيات من العنف الجنسي، من نقص حاد في خدمات الصحة النفسية والدعم الاجتماعي.
تصاعد التمييز والعنصرية
يواجه اللاجئون السودانيون ممارسات تمييزية متزايدة، سواء في المعاملة اليومية أو في الوصول إلى الخدمات.
تعاني النساء والفتيات السودانيات من التحرش والاستغلال، في ظل غياب آليات فعالة لحمايتهن أو إنصافهن قانونياً.
ويدعو التقرير المجتمع الدولي، خصوصاً الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلى الضغط على الحكومة المصرية لتعديل قانون اللجوء الجديد بحيث يراعي المعايير الدولية.
كما يحث مصر على التعاون مع مفوضية اللاجئين ومنظمات المجتمع المدني لضمان توفير الحماية والدعم اللازم للاجئين.
بالإضافة إلى ذلك، يوصي التقرير بضرورة وقف عمليات الترحيل القسري والاعتقالات التعسفية بحق السودانيين، ومنح اللاجئين تصاريح عمل مرنة تمكنهم من إعالة أنفسهم، وإعادة فتح المدارس السودانية أو إيجاد حلول بديلة لضمان حصول الأطفال على التعليم، وتسهيل وصول اللاجئين إلى الخدمات الصحية دون تمييز أو اشتراطات تعجيزية، وتعزيز دعم المنظمات المحلية التي تساعد اللاجئين، بدلاً من تهديدها بالملاحقة القانونية.
يشكل القانون الجديد تهديداً مباشراً لأوضاع اللاجئين السودانيين في مصر، حيث يعمق معاناتهم القانونية والاقتصادية والاجتماعية.
ومع تزايد القيود الحكومية وتدهور أوضاع اللاجئين، فإن الحاجة إلى تدخل دولي وضغط حقوقي أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى لضمان حماية حقوق اللاجئين ومنع تفاقم الأزمة الإنسانية.
https://d3jwam0i5codb7.cloudfront.net/wp-content/uploads/2025/02/Egypt-Report-Feb-2025-FINAL.pdf