شهدت شبه جزيرة سيناء خلال السنوات الأخيرة تعزيزًا ملحوظًا للقوات العسكرية المصرية، مما أثار قلقًا متزايدًا في الأوساط الأمنية الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن التنسيق الأمني بين القاهرة وتل أبيب لا يزال مستمرًا، إلا أن حجم الانتشار العسكري المصري في سيناء لم يعد يقتصر على ملاحقة ما ادعوا أنه "الجماعات المسلحة"، مما يطرح تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التوسع.

 

تحذيرات مصرية من التواجد الإسرائيلي في ممر فيلادلفيا

ذكرت صحيفة ألجيمينر أن تقريرًا نشرته كان نيوز، استنادًا إلى صحيفة الأخبار اللبنانية، كشف أن مصر وجهت تحذيرًا صريحًا لإسرائيل خلال اجتماعات التنسيق العسكري، معتبرةً أن استمرار وجود القوات الإسرائيلية في ممر فيلادلفيا على الحدود مع غزة يمثل انتهاكًا لاتفاقية كامب ديفيد. وحذرت القاهرة من أن هذا قد يؤدي إلى إعادة النظر في التزاماتها الأمنية في المنطقة.

كما أوضحت الصحيفة أن التحذير المصري جاء في سياق التزام الفصائل الفلسطينية ببنود وقف إطلاق النار، ورفض مصر لأي تغييرات جغرافية على الحدود، إضافة إلى رفضها للطرح الإسرائيلي القائل بإمكانية القضاء التام على حركة حماس.

 

قلق إسرائيلي من الحشد العسكري المصري

أكدت صحيفة ألجيمينر أن المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية تراقب عن كثب التحركات العسكرية المصرية في سيناء، حيث تشير مصادر أمنية إلى أن الجيش المصري قام بتوسيع قدراته العسكرية هناك بشكل غير مسبوق. 

وأوضح موشيه فوزايلوف، الباحث في معهد "ميسجاف للأمن القومي" والضابط السابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، أن إسرائيل منحت مصر في السابق تصاريح لنشر قوات إضافية، لكن الأمر تطور إلى انتشار عسكري ضخم يفوق بكثير الحاجة إلى مكافحة التمرد.

وأضاف فوزايلوف، أن الجيش المصري أنشأ ثلاثة مطارات عسكرية، أحدها مخصص للطائرات المقاتلة، بالإضافة إلى مخازن ضخمة للوقود والذخيرة، وأنفاق استراتيجية لتخزين المعدات العسكرية، وطرق سريعة لنقل القوات.

وحذر من أن هذا التطور يعكس تحضيرًا لسيناريوهات عسكرية مستقبلية، مشيرًا إلى أن "إسرائيل يجب أن تكون أكثر يقظة، لأننا تعلمنا الدرس من التراخي الأمني في الماضي".

 

التصريحات المصرية تثير المخاوف

أشارت صحيفة ألجيمينر إلى أن تصريحات عبد الفتاح السيسي في مناسبات عديدة توحي بأن العقيدة العسكرية المصرية لا تزال تستند إلى تجربة حرب أكتوبر 1973. ففي ذكرى الحرب عام 2022، صرح السيسي بأن المعركة "دليل على إرادة المصريين واستعادتهم لكرامة الوطن"، مما يعكس استمرار أهمية المواجهة العسكرية مع إسرائيل في الخطاب الرسمي المصري.

كما نقلت الصحيفة تصريحات سابقة للسيسي في عام 2018، أكد فيها أن "المعركة لم تنتهِ"، لكنه أشار إلى أن العدو لم يعد واضحًا كما كان في الماضي.

 

مخاوف من نوايا مصر المستقبلية

ترى مريم وهبة، المحللة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، أن التحركات العسكرية المصرية في سيناء، خصوصًا بالقرب من رفح، تثير تساؤلات حول أهدافها الحقيقية. وذكرت صحيفة ألجيمينر أن السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون أعرب عن قلقه قائلًا: "الجيش المصري يتدرب لهدف واحد: الحرب مع إسرائيل".

وأضافت وهبة أن العلاقة بين مصر وإسرائيل توترت بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، لكن معاهدة السلام بين البلدين ظلت ركيزة للاستقرار الإقليمي. كما دعت الإدارة الأمريكية إلى مطالبة القاهرة بمزيد من الشفافية بشأن تحركاتها العسكرية في سيناء.

 

الدور الأمريكي المحتمل

أكدت صحيفة ألجيمينر أن إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن نيته إنشاء وجود أمريكي في غزة قد يكون مرتبطًا بمحاولة خلق منطقة عازلة بين مصر وإسرائيل. ويرى فوزايلوف أن هذا القرار يهدف أيضًا إلى توجيه رسالة للقاهرة بأن الولايات المتحدة تتابع التطورات في المنطقة عن كثب.

كما نقلت الصحيفة تصريحات داني دانون، الذي تساءل عن حجم الإنفاق العسكري المصري، قائلًا: "مصر تنفق مئات الملايين من الدولارات على التسلح، رغم عدم وجود تهديدات واضحة على حدودها. لماذا تحتاج إلى كل هذه الغواصات والدبابات؟".

واختتم دانون حديثه بتحذير واضح: "بعد السابع من أكتوبر، يجب أن نكون يقظين. علينا مراقبة مصر عن كثب والاستعداد لكل السيناريوهات."

https://www.algemeiner.com/2025/02/09/egypts-large-military-presence-in-sinai-continues-to-raise-questions/