في غضون أقل من عقدين، تحول إبراهيم العرجاني من رجل أعمال يقدم خدمات أمنية في سيناء إلى أحد أبرز رجال الأعمال في مصر، متغلغلًا في قطاعات حيوية تشمل المقاولات، السياحة، الأمن، العقارات، والطاقة، بالإضافة إلى امتداده الجديد في المجال الرياضي. هذه السيطرة المتزايدة أثارت العديد من التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين العرجاني والسلطة، ومدى الدعم الذي يحظى به على أعلى المستويات.

 

دخول العرجاني عالم الرياضة: تحالفات استراتيجية وصفقات مشبوهة؟

في 2 فبراير، أعلن النادي الأهلي عن احتفالية كبرى في 14 فبراير للإعلان عن التصميم النهائي لمشروع الاستاد الجديد، وهو المشروع الذي يتم بالشراكة مع مجموعة العرجاني. لم يكن هذا الحدث مجرد تعاون استثماري، بل جاء في سياق توسع العرجاني في المجال الرياضي، بعد سيطرته على رعاية سباقات الهجن في سيناء والإسماعيلية، ثم شراكته مع النادي المصري البورسعيدي في 2022.

لم يكن مشروع استاد الأهلي سوى الخطوة الأحدث في مسيرة العرجاني داخل المجال الرياضي، حيث سبق له تنفيذ مشروعات لصالح النادي الأهلي، مثل جراج مدينة نصر الذي ظل متوقفًا لعشرين عامًا قبل أن يُنفذ بوساطة رئاسية، وبدون مقابل مالي، وفقًا لما صرّح به رئيس النادي محمود الخطيب. بعد هذا الإنجاز، فضّل الأهلي توقيع اتفاقية رعاية مع مجموعة العرجاني بدلًا من عروض مغرية من شركات عالمية، مثل الخطوط الجوية القطرية.

 

من سيناء إلى الاستثمار الرياضي: دور السيسي في صعود العرجاني

يشير تقرير صادر عن منصة "متصدقش" إلى أن دعم عبد الفتاح السيسي لعب دورًا محوريًا في تمهيد الطريق أمام العرجاني، حيث عينه سفيرًا لمبادرة "حياة كريمة"، ومنحه عقودًا حكومية ضخمة في مجالات متعددة، مثل تطوير سانت كاترين، توسعة مطار العريش، وإدارة مشروعات إعادة إعمار غزة. هذا الامتداد وصل إلى الرياضة، حيث بات العرجاني شريكًا استراتيجيًا للنادي الأهلي، ليس فقط في الاستاد، ولكن أيضًا في تأمين المباريات عبر شركة "أيتوس"، وتنظيم سفر الجماهير، ورعاية الدورات الرمضانية.

 

رحلة صعود العرجاني: من الصراع مع الأمن إلى شريك للدولة

قبل أن يصبح أحد أبرز رجال الأعمال في مصر، كان العرجاني شخصية مثيرة للجدل، حيث دخل في صدام مع الأجهزة الأمنية بعد مقتل شقيقه وصديقيه في 2008، ما دفعه إلى احتجاز عساكر شرطة انتقامًا، قبل أن يتم اعتقاله وتعذيبه في السجن. بعد الإفراج عنه في 2010، اختفى عن الأنظار، ليعود بقوة مع حملة السيسي الانتخابية في 2014، حيث أصبح ممثلًا لشيوخ القبائل في سيناء، ومن ثم شريكًا رئيسيًا للدولة في مشروعات البنية التحتية.

بدأت أعماله مع الجيش من خلال مصنع للرخام والجرانيت، وسرعان ما توسعت لتشمل مشروعات بمليارات الجنيهات، مثل تطوير مستشفيات حكومية، والاستحواذ على مشروعات نوادي "سيتي كلوب" المملوكة للمخابرات، بالإضافة إلى حصوله على توكيل "بي إم دبليو" في مصر بشراكة كويتية-سعودية. كما لعب دورًا أساسيًا في إدارة معبر رفح، حيث وردت تقارير صحفية عن فرضه رسوم عبور تصل إلى 10 آلاف دولار للفرد الواحد خلال الحرب الأخيرة على غزة.

 

العرجاني والسياسة: خطوة نحو النفوذ السياسي المباشر؟

لم يكتف العرجاني بالنفوذ الاقتصادي، بل أسس اتحاد القبائل العربية، قبل أن يطلق حزبًا سياسيًا جديدًا، بدعم من شخصيات بارزة ووزراء سابقين يعملون لديه. هذا التوسع يثير مخاوف حول إعادة إنتاج نموذج رجال الأعمال المتنفذين في الحزب الوطني خلال عهد مبارك، حيث كانت السيطرة على الاقتصاد والسياسة تؤدي إلى تفشي الفساد والمحسوبية.

 

النفوذ العابر للحدود: شراكات دولية ومشاريع إقليمية

لم يقتصر نفوذ العرجاني على مصر، بل امتد إلى ليبيا من خلال عقود إعادة الإعمار بعد السيول المدمرة، كما دخل في شراكات استثمارية مع قطر ودول أخرى. في الوقت نفسه، تورط اسمه في فضيحة تهريب ملايين الدولارات عبر طائرته الخاصة إلى زامبيا، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة أنشطته المالية ومدى شفافيتها.