شهدت مصر خلال العام المنصرم 2024 نحو 128 احتجاجًا اجتماعيًا، وتلقت وزارة القوى العاملة 1300 شكوى، من بينها 914 شكوى جماعية، وفقًا لما رصدته حركة الاشتراكيين الثوريين، ومن خلال ما نشر في المواقع الإخبارية والمراكز، ومصادر الحركة الخاصة.
وفي التفاصيل، طبقًا لما نشرته الحركة، في تقرير لها الجمعة، كان توزيع الاحتجاجات في مصر بنحو 61 احتجاجًا عماليًا، و34 احتجاجًا للأهالي، و15 احتجاجًا للمهنيين، و16 احتجاجًا للطلاب والخريجين والشباب. وعلقت الحركة بأنّ "من المؤكد أن الواقع شهد احتجاجات أخرى عديدة لم نستطع الوصول إليها نتيجة لتقييد الصحافة الحرة ضمن سياسة تكميم الأفواه التي تتبعها سلطة الليبرالية المتوحشة الحاكمة".
وعن أسباب الاحتجاج، كما ورد في التقرير، "فقد كانت الأجور في مقدمة أسباب الاحتجاجات العمالية بنسبة كبيرة جدًا، في ظل الانخفاض الرهيب في مستوى معيشة الطبقات الشعبية، بينما احتل مواجهة الطرد من السكن السبب الأبرز وسط احتجاجات الأهالي ضد السياسات الاقتصادية، فيما كان مواجهة التعسف الإداري والأمني هو الأبرز وسط المهنيين، يليه مباشرة رفع الأجور".
فيما كان السبب الرئيسي للاحتجاج، وسط الشباب والطلاب في مصر حسب التقرير، "دعم فلسطين، ورغم ذلك يلاحظ تراجع حدة الاحتجاجات من أجل غزة بدرجة كبيرة، بسبب القمع الأمني". وعن التوزيع الجغرافي للاحتجاجات، طبقًا للتقرير، فقد "احتلت محافظة القاهرة بحكم تعدادها الضخم، ووجود مناطق عمالية وشعبية بها عديدة صدارة الاحتجاجات بفارق كبير جدًا عن باقي المحافظات تليها الجيزة ثم القليوبية. أي إن القاهرة الكبرى شهدت بمفردها نحو 80% من احتجاجات 2024، بينما تراجعت الاحتجاجات في مدن صناعية مهمة، السويس مثلًا".
وفي ما يتعلق بأشكال الاحتجاجات، أشار التقرير إلى أن "الوقفات تُعَدّ أهم الأشكال الاحتجاجية التي لجأ إليها العاملون، إذ إنها لا تواجه عادة بمستوى القمع نفسه الذي يواجه به العمال عندما يُضربون. وقد ابتكر عمال توصيل الطلبات (الطيارون)، وسائل جديدة للاحتجاج، فشهدت مدينة الإسكندرية مسيرة بالموتوسيكلات احتجاجًا على مصرع أحد زملائهم، في ظل غياب أي ضمان اجتماعي أو تعويض".
وفي مجمل تعليقها على ما توصل إليه التقرير من رصد للاحتجاجات وأسبابها وتوزيعها وخلافه، فقد علقت الحركة: "شهدت مصر خلال العام الماضي، غضبًا مكتومًا بفعل القبضة الأمنية من جراء سياسات رفع الأسعار وتدهور العملة المحلية وقفزات رهيبة في الأسعار مدفوعةً بارتفاع معدلات التضخم. وفي ظل ظروف معيشية صعبة، لم يعبأ آلاف العمال بالقبضة الأمنية المسعورة، وتحدوا المخاطر وانتقلوا إلى خانة المواجهة للمطالبة بحقوقهم بعد أن باتت أدنى سبل العيش بعيدة المنال في ظل سياسات نظام الإفقار والاستبداد".
وأضافت أن "العام الماضي، شهد العديد من الاحتجاجات الاجتماعية المتنوعة، دفعت ضريبتها القيادات العمالية في صورة اعتقال وتعسف وفصل، كما رأينا في العديد من شركات قطاع الأعمال العام، مثل شركة المحلة للغزل والنسيج، وشركة سمنود للوبريات. وعلى الرغم من مقابلة النظام لهذه الاحتجاجات بالقمع واعتقاله للعاملات والعمال وترهيبهم بشتى الطرق، لم يمنع ذلك عمال القطاع الخاص أيضًا من تنظيم الإضرابات والوقفات وتقديم الشكاوى دفاعًا عن حقوقهم المنهوبة من رأس المال المحلي ومن المستثمرين الذين يجدون في عرق هؤلاء العمال فرصة ذهبية من العمالة الرخيصة لمراكمة المزيد من الأرباح".
واختتمت الحركة تعليقها قائلةً: "إن ما نشاهده الآن من تصاعد الاحتجاجات والإضرابات العمالية مع بداية العام الجاري وصلت إلى احتجاج مواقع عمالية من أجل زيادة الأجور التي تتجاوز الحد الأدنى للأجور ستة آلاف جنيه (نحو 119 دولارًا)، تعبّر عن هشاشة هذا الحد الأدنى مقارنة بزيادات الأسعار، لكن هذا الرقم الهزلي للحد الأدنى للأجور بقرارين من السيسي والمجلس القومي للأجور خلال العام الماضي لم يطبق أصلًا".
ورأت أن "الدولة فتحت بابًا خلفيًا لتظلم أصحاب الأعمال من أجل عدم تطبيقه بدعوى التعذر، وفي هذا المشهد المنحاز كليًا لرجال الأعمال، ومحاصرة وتقييد الحق في الإضراب، في قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003، ما أدى إلى إلقاء قوات الأمن القبض على عشرات العمال وفصل آخرين بتهم تعطيل العمل وتحقيق خسائر وإثارة الشغب من التهم المُلفقة لم يمنع ذلك من كبح جماح الإضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية".