في مؤتمر صحفي مشترك بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، ظهر بوضوح كيف يستغل نتنياهو شخصية ترامب النرجسية لتعزيز المصالح الصهيونية؛ فقد كان الثناء المتبادل بينهما ليس مجرد مجاملات دبلوماسية، بل كان نتنياهو يستخدمه كأداة لضمان استمرار دعم ترامب لسياسات الاحتلال، متجاهلًا تمامًا حقوق الفلسطينيين أو معاناتهم.
قدم ترامب رؤية غامضة لمستقبل غزة، حيث تحدث عن إعادة الإعمار وخلق فرص عمل دون الاعتراف بالسبب الحقيقي للدمار "القصف الصهيوني المدمر".
استغلال نرجسية ترامب لخدمة الصهيونية
منذ أن دخل ترامب الساحة السياسية، أدرك نتنياهو أن لديه فرصة ذهبية لتوظيفه لخدمة الأجندة الصهيونية.
فشخصية ترامب، التي تتسم بجوعها للإعجاب، ورغبتها المستمرة في الحصول على الثناء، جعلته سهل التأثر بالإطراء والتلاعب.
وقد استغل نتنياهو ذلك بمهارة، مقدمًا لترامب الإعجاب الذي يسعى إليه، بينما يضمن في الوقت ذاته دعمه غير المشروط للاحتلال الصهيوني.
في المؤتمر الصحفي، لم يشر نتنياهو بأي شكل إلى الفلسطينيين أو إلى حقوقهم، متعمدًا تجاهل الاحتلال الصهيوني والجرائم التي تُرتكب بحق الفلسطينيين.
كما أن ترامب لم يقدم أي اعتراف بمأساة الفلسطينيين، بل تحدث عن السلام والازدهار بلغة جوفاء، خالية من أي مضمون حقيقي.
رؤية ترامب لغزة.. فرصة استثمارية أم تبرير للدمار؟
من أكثر التصريحات الصادمة التي قدمها ترامب خلال المؤتمر الصحفي كانت رؤيته لمستقبل غزة، والتي تحدث فيها عن "فرص اقتصادية" يمكن تحقيقها بعد إعادة الإعمار.
لكنه لم يتطرق إلى مسؤولية الاحتلال الصهيوني عن الدمار الذي لحق بالقطاع، وكأن الحرب على غزة مجرد مشروع تجاري يمكن استغلاله اقتصاديًا.
قدم ترامب غزة كمشروع "إعادة تطوير"، كما لو كانت حيًا فقيرًا في نيويورك بانتظار المستثمرين، متجاهلًا أن ما يحدث هناك ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل إبادة جماعية لشعب بأكمله.
سياسة محو الفلسطينيين
لم يكن غياب ذكر الفلسطينيين في المؤتمر الصحفي مجرد صدفة، بل كان جزءًا من نهج مدروس يهدف إلى نزع الشرعية عن حقوقهم.
فترامب، كما هي عادته، لم يشر إلى حق الفلسطينيين في تقرير المصير أو الحرية أو المساواة.
وبهذه الطريقة، يتم التعامل مع القضية الفلسطينية على أنها مجرد "مشكلة إنسانية" بدلاً من كونها قضية سياسية متجذرة في الاحتلال والاضطهاد.
المرحلة الأخيرة من الإبادة
ما يطرحه ترامب ليس مجرد مشروع لإعادة الإعمار، بل هو محاولة لإنهاء القضية الفلسطينية تمامًا، حيث يتم تقديم فكرة إعادة بناء غزة كوسيلة لإضفاء الشرعية على التطهير العرقي الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني.
وبدلًا من محاسبة الاحتلال الصهيوني على الدمار الذي تسبب فيه، يسعى ترامب إلى مكافأتها من خلال طرح مشاريع اقتصادية تستبعد الفلسطينيين من أرضهم.
لم يكن المؤتمر الصحفي بين ترامب ونتنياهو مجرد استعراض سياسي، بل كان مثالًا واضحًا على كيف يمكن للقيادة المبنية على المصالح الشخصية أن تتجاهل تمامًا القضايا الإنسانية والعدالة.
رؤية ترامب لغزة ليست سوى المرحلة الأخيرة من مشروع التهجير، مغلفة بلغة الاستثمار والتنمية، لكنها في حقيقتها استمرار للإبادة الجماعية.