كشفت مصادر أمريكية لموقع ميدل إيست آي أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تضغط على مصر لاستقبال لاجئين فلسطينيين من غزة، رغم رفض القاهرة القاطع لهذه الفكرة. ووفقًا لمسؤولين أمريكيين في المنطقة، فإن البيت الأبيض يتجاهل تحذيرات الدبلوماسيين بأن هذا المقترح قد يزعزع استقرار مصر، التي تعتبر القضية "خطًا أحمر".
تتسع الفجوة بين الدبلوماسيين الأمريكيين والإدارة الأمريكية حول هذه القضية، حيث وصف أحد المسؤولين البيت الأبيض بأنه "منفصل عن الواقع". وفي الأسبوع الماضي، أثار وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الموضوع في مكالمة هاتفية مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، ما يعكس إصرار واشنطن على المضي قدمًا في هذا المخطط.
تتزامن هذه الجهود مع لقاء مرتقب بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث يتوقع أن تزيد إسرائيل من ضغوطها لفرض التهجير القسري للفلسطينيين، مستغلة الدعم الأمريكي العلني.
قبل اجتماعه مع نتنياهو، صرح ترامب بأن غزة أصبحت "موقع مدمر"، وأن إعادة إعمارها قد تستغرق أكثر من 10 إلى 15 عامًا، معتبرًا أن الحل الأفضل هو "إيجاد أراضٍ بديلة وبناء مساكن جديدة لهم".
وكان صهره ومستشاره السابق، جاريد كوشنر، قد طرح لأول مرة فكرة التهجير القسري للفلسطينيين في مارس 2024، لكن مصر أعلنت منذ البداية أنها لن تقبل بهذا السيناريو، خشية أن يؤدي إلى تداعيات أمنية وسياسية خطيرة.
على الرغم من العلاقة الجيدة بين ترامب والديكتاتور المصري عبد الفتاح السيسي، إلا أن القاهرة تدرك أن رفضها استقبال الفلسطينيين قد يؤدي إلى تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية، التي تبلغ 1.3 مليار دولار سنويًا. وأشار دبلوماسي مصري إلى أن مصر تأخذ تهديدات ترامب على محمل الجد، لكنها لا تزال متمسكة بموقفها الرافض.
في الوقت نفسه، يستفيد السيسي سياسيًا من رفضه لهذا المقترح، حيث يعزز شعبيته محليًا من خلال تبني موقف داعم للقضية الفلسطينية، خصوصًا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
شهدت مصر تحركات احتجاجية نادرة عند معبر رفح، نظمها جهاز الأمن المصري، في إشارة إلى رفض السياسات الأمريكية تجاه غزة. كما تفكر القاهرة في تنظيم مظاهرات أمام السفارة الأمريكية لإظهار معارضتها للمخطط الأمريكي.
ورغم الموقف الرسمي الرافض، تشير بعض المصادر إلى أن القيادة المصرية ناقشت داخليًا إمكانية استيعاب عدد إضافي من الفلسطينيين، لكنها تواجه معارضة شديدة من المؤسسة العسكرية، التي تعتبر الأمر تهديدًا للأمن القومي.
منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، دخل مصر ما بين 80 ألف و200 ألف فلسطيني، وفقًا لمصادر مختلفة. وقد ظهر في القاهرة حي جديد يطلق عليه "غزة الصغرى"، حيث استقر العديد من اللاجئين الفلسطينيين مؤقتًا.
في ظل استمرار الضغوط الأمريكية، تبقى مصر عازمة على رفض التهجير القسري، بينما تواصل إسرائيل سعيها لتحقيق ذلك بدعم من إدارة ترامب. ويبقى السؤال: إلى أي مدى يمكن لمصر الصمود أمام الضغوط الدولية، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية المعقدة؟