ينتقد الصحفي البريطاني جوناثان كوك في مقاله الذي نشره موقع ميدل إيست آي تغطية وسائل الإعلام الغربية، وخاصة هيئة الإذاعة البريطانية، لذكرى الهولوكوست، مشيرًا إلى أن هذه التغطية تخفي تناقضًا صارخًا بين الإدانة العلنية للإبادة الجماعية في الماضي، والصمت المطبق تجاه ما يجري في غزة حاليًا.
يشير كوك إلى أن القادة الغربيين، مثل الملك تشارلز الثالث والمستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ظهروا في احتفالات ذكرى تحرير معسكر أوشفيتز، مؤكدين على ضرورة عدم تكرار الإبادة الجماعية أبدًا. ومع ذلك، فإن هؤلاء القادة أنفسهم يدعمون إسرائيل سياسيًا وعسكريًا بينما ترتكب ما وصفه الكاتب بـ"الإبادة الجماعية" بحق الفلسطينيين في غزة.
ازدواجية التغطية الإعلامية
يوضح كوك أن بي بي سي خصصت 20 دقيقة من نشرتها الإخبارية المسائية لتغطية ذكرى الهولوكوست، ثم انتقلت مباشرة إلى عرض مشاهد الدمار في غزة دون أي تعليق على العلاقة بين الحدثين. ويشير إلى أن الإعلام الغربي يصور الفلسطينيين بطريقة تُسهل نزع الصفة الإنسانية عنهم، إذ تبدو مشاهد الفلسطينيين الفارين من القصف كأنهم "نمل بشري"، وهو ما يتوافق مع السردية الإسرائيلية التي تصورهم كـ"إرهابيين" بدلًا من ضحايا.
كما ينتقد الكاتب دور الإعلام في تطبيع الجرائم ضد الفلسطينيين، حيث تعاملت وسائل الإعلام الغربية مع العدوان الإسرائيلي كأنه "عملية لمكافحة الإرهاب" وليس كإبادة جماعية. كما أن التغطية الإعلامية الغربية ساعدت في تبرير الدعم العسكري المستمر من الولايات المتحدة لإسرائيل، رغم أن الرئيس الأمريكي جو بايدن زعم أنه "يعمل على ضبط النفس الإسرائيلي".
استغلال ذكرى الهولوكوست
يرى كوك أن إسرائيل تستغل ذكرى الهولوكوست لحماية نفسها من الانتقادات الدولية، ولتبرير سياساتها القمعية ضد الفلسطينيين. ويشير إلى أن إسرائيل لم تكن يومًا "ملاذًا آمنًا" لليهود، بل كانت "دولة حصينة" تقوم على الأيديولوجيا العسكرية والخوف من الآخر. ويضيف أن إسرائيل، بدلًا من أن تكون نموذجًا لمواجهة الإبادة الجماعية، تحولت إلى دولة تمارس القمع وتبرر جرائمها استنادًا إلى تاريخ الاضطهاد الذي تعرض له اليهود.
النفاق الغربي ودوره في استمرار الجرائم
يستعرض كوك تاريخ الجرائم الغربية منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرًا إلى أن الغرب لم يتعلم شيئًا من دروس الماضي. فمن مذابح كينيا في الخمسينيات إلى مجازر فيتنام والعراق وليبيا، ظل الغرب متورطًا في دعم الأنظمة القمعية وتبرير العنف باسم المصالح السياسية. ويعتبر أن دعم الغرب لإسرائيل هو امتداد لهذا التاريخ، حيث تستخدم ذكرى الهولوكوست كـ"درع حماية" للجرائم التي تُرتكب في الحاضر.
يؤكد كوك أن إحياء ذكرى الهولوكوست لم ينجح في صرف الانتباه عن مأساة غزة، بل على العكس، جعل التناقض في مواقف الغرب أكثر وضوحًا. فبينما يدّعي القادة الغربيون الالتزام بمبدأ "لن يتكرر أبدًا"، فإنهم عمليًا يدعمون استمرار المجازر في غزة. ويختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن الأجيال الجديدة، التي تتابع الأحداث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لن تنخدع بهذه الروايات الرسمية، إذ أصبحت ترى الحقيقة بوضوح أكثر من أي وقت مضى.
https://www.middleeasteye.net/opinion/west-hides-gaza-genocide-guilt-holocaust-day-how