نفت منصة (صحيح مصر) الاستقصائية، الأشبة بالمنصة الحقوقية، إن قول الحكومة المصرية: إنها "تلتزم بضمان حقوق اللاجئين والمهاجرين في عدم الإعادة القسرية، ومكافحة جميع أشكال التمييز ضدهم، وضمان حصولهم على الخدمات التعليمية والصحية، وإعداد قانون اللجوء لتنظيم شؤونهم".، هي ادعاءات حكومية مُضللة.
وأكدت أنه تم توقيف وترحيل بعض اللاجئين قسريًا، كما تحرم بعض الفئات من الحق في التعليم، مع زيادات كبيرة في الرسوم المفروضة عليهم، كما أثار القانون الخاص بتنظيم شؤون اللاجئين والذي يتم الترويج له كإنجاز انتقادات واسعة. موجهة تفنيدها إلى الأمم المتحدة @UNarabic
ونقلت المنصة عن مصدر مصدر حقوقي معني بشؤون اللاجئين، "في تلك الأثناء تجري عمليات توقيف واحتجاز للاجئين الأفارقة، طالت عدد من السودانيين، وتم ترحيل عدد منهم".
وأضافت أنه "أكد لاجئان سوري وسوداني تحدثا لصحيح مصر، شن حملات توقيف بحقهم خلال الشهر الجاري، وأنهم يتجنبون الخروج من منازلهم مؤخرا إلا للضرورة، وأنهم يتناصحون فيما بينهم بتقليل التواجد في الأماكن العامة وبعض محطات المترو".
وكشفت "صحيح مصر"، في تحقيق سابق عن سيطرة شركات قريبة لأجهزة أمنية سيادية على إصدار الموافقات الأمنية اللازمة لدخول حملة بعض الجنسيات إلى مصر، ومن بينهم السوريين والسودانيين وفرض آلاف الدولارات عليهم مقابل تنسيق حصولهم على الموافقات الامنية.
منصات متخصصة
وقالت منصة اللاجئين في مصر: "أنها تلقت على مدار الأسبوعين الماضيين العديد من بلاغات التوقيف والاحتجاز في مناطق متفرقة من القاهرة الكبرى والإسكندرية وأسوان".
ووثقت منصة اللاجئين "توقيف واحتجاز لاجئين وملتمسي اللجوء، على النقيض من ادعاءات الحكومة المصرية، كما قالت المنصة أن السلطات لا تمنح الحماية للأشخاص الحاملين للبطاقتين الزرقاء والصفراء الصادرتين عن من مفوضية اللاجئين.
وأشارت منصة اللاجئين، أن تلك الحملات ليست جديدة، وتكررت مرارًا خلال السنوات الماضية، وبشكل عشوائي.
وأوصت ورقة مشتركة لمجموعة من المنظمات، الحكومة المصرية بوقف المضايقات وحجز الوثائق والاستهداف التعسفي على أساس لون البشرة، وبأن تعتمد مبدأ عدم الإعادة القسرية، وأن تكف عن إجبار المهاجرين على التوقيع على استمارات العودة الطوعية.
تقارير دولية
منظمات حقوقية بارزة بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش -عبر تقاريرها الموجهة للفريق المعني باستعراض ملف مصر- دعت السلطات المصرية بوقف عمليات الترحيل القسري، وضمان عدم إعادة اللاجئين إلى أماكن تكون سلامتهم فيها معرضة للخطر، وتوفير دخول آمن للفارين من الصراع في السودان، وإتاحة إجراءات اللجوء دون قيود.
كما أوضحت "منظمة العدالة للجميع"، أن السلطات المصرية تحتجز تعسفيًا وترحل لاجئين وطالبي لجوء دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وهو ما يؤثر بشكل خاص على اللاجئين الإريتريين والسودانيين الذين يعانون من أوضاع غير إنسانية وعمليات ترحيل قسري دون دعم قانوني، ودعت أوراق قدمتها منظمات حقوقية لإجراء مراجعات قضائية لجميع قرارات الترحيل وحظر الدخول، والإفراج الفوري عن اللاجئين وتعويضهم عن معاناتهم.
وفي تقرير سابق للأمم المتحدة، أشار لقيام السلطات المصرية باحتجاز وترحيل طالبي لجوء إريتريين، وجاء في التقرير أن "طالبي اللجوء المُرحَّلين احتُجزوا في مصر في مراكز شرطة ومراكز احتجاز مزدحمة لفترات تراوحت بين بضعة أشهر إلى عدة سنوات، وحرموا خلالها من الحصول على ما يكفي من الغذاء والمياه والصرف الصحي والرعاية الطبية، ولم يُبلَّغوا قط بما إذا كانوا قد اتُهموا بارتكاب جرائم جنائية، وحُرموا من الاتصال بمحامين أو من الوصول إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أو أي إجراءات رسمية أخرى للجوء".
قانون لجوء الأجانب
وعن قانون لجوء الأجانب، أشار التقرير الرسمي الحكومي والمقدم من المجلس القومي لحقوق الإنسان، إلى إعداد الحكومة مشروع قانون لجوء الأجانب بغرض تنظيم شئون اللاجئين وطالبي اللجوء وتوفيق أوضاعهم خلال سنة من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون، وهو القانون الذي تم إقراره بالفعل منذ ديسمبر الماضي.
في المقابل، تعتبر منظمة العفو الدولية، أن القانون يزيد من تقويض حقوق اللاجئين في مصر، في ظل حملة القمع المستمرة ضد الأشخاص الذين يلتمسون الحماية والأمان في البلاد، وطالبت الرئيس عبد الفتاح السيسي، عقب تمرير البرلمان لمشروع القانون إلى عدم التصديق على القانون، إلا أن السيسي تجاهل تلك الدعوات وغيرها وصدق على القانون.
وقالت منظمات حقوقية إن الحكومة المصرية استبعدت المجتمع المدني ومجتمعات اللاجئين من مناقشات القانون اللجوء.
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قالت في تقرير صادر في نوفمبر الماضي، إن نصوص القانون الجديد "لم تعتني بالأوضاع الإنسانية الصعبة التي تدفع ملتمسي اللجوء إلى الفرار من بلدانهم الأصلية إلى مصر".
وأضافت أن "القانون يتضمن العديد من النصوص العقابية التي تمس اللاجئين وملتمسي اللجوء، بل وتجرِّم المواطنين على مساعدة اللاجئين والقيام بأفعال إنسانية مثل إيواء لاجئ دون إخطار السلطات، بدون أي سند قانوني أو دستوري لمثل هذا التجريم".
وأشارت لـ"تغافل القانون الجديد عن تحديد الآليات والإجراءات التي ستُدار من خلالها عمليات الفحص والبت في طلبات اللجوء خلال المرحلة الانتقالية من تطبيق القانون".
حملات كراهية
وبرعاية لجان الكترونية مؤيدة للحكومة، أشارت المنصة إلى تصاعد حملة ممنهجة ضد اللاجئين السودانيين والسوريين في مصر، عبر لجان إلكترونية مؤيدة للحكومة على موقعي "X" وفيسبوك، إذ تولت تلك اللجان تصعيد خطاب الكراهية ضد اللاجئين الفارين من الحرب، والترويج لخطاب قومي متطرف.
مشيرة إلى توصية مجموعة من المنظمات الحقوقية بينها هيومن رايتس ووتش، بضرورة تشكيل بحملات توعية عامة لمكافحة كره الأجانب والتمييز ضد اللاجئين.
وذكر التقرير الرسمي الحكومي، أن مصر تبذل جهودًا لمكافحة جميع أشكال التمييز ضد اللاجئين وتلتزم بضمان حصولهم على الخدمات التعليمية والصحية.
مقابل تقارير لمنظمات قالت إن الأطفال اللاجئين يواجهون تحديات في الحصول على التعليم بسبب العراقيل البيروقراطية والتمييز وعدم وجود وثائق، مثل تصاريح الإقامة أو شهادات الميلاد، ومواجهتهم عوائق كبيرة في الحصول على الرعاية الصحية، وأوصوا بضمان حصول اللاجئين على الخدمات التعليمية والصحية دون تمييز.
وفي زيادة مطردة على رسوم التعليم الموجهة للمهاجرين واللاجئين، وتقليص الامتيازات التي يتمتعون بها، أعلنت في يوليو 2023، رسوم التقديم على منصة "ادرس في مصر" التابعة للإدارة المركزية لشؤون الطلاب الوافدين في مصر، للعام الدراسي الجديد 2023/ 2024 وبلغت نحو 1990 دولارًا (61 ألف و370 جنيهًا)، وتتكون من رسوم القيد الجامعي 1500 دولار، ورسوم تقديم 170 دولارًا أي نحو 5250 جنيهًا، ورسوم التنسيق 170 دولارًا أخرى، واشتراك نادي الوافدين زاد من 305 جنيهات إلى 150 دولارًا (4600 جنيه).
وألزمت وزارة التعليم العالي خلال السنوات الماضية الوافدين بدفع رسوم خدمات التقديم والتنسيق والاشتراك في نادي الوافدين بالدولار بدلا من الجنيه المصري، ومجموع قيمتها 490 دولارًا.
ووثق تحقيقا لشبكة أريج، حرمان لاجئين فلسطينيين، من حملة الوثيقة السورية، من التعليم النظامي في مصر، وذلك بسبب عدم تمكينهم من الحصول على إقامات، وقال المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين في رام الله، أنه يجري التمييز في مصر بشكل "فج" ضد اللاجئين الفلسطينيين، حاملي الوثيقة السورية؛ إذ ترفض الحكومة المصرية تدخل الأونروا لمساعدتهم، بحجة عدم رغبتها في إنشاء مخيمات فلسطينية على أراضيها، لكنّها في المقابل، تمتنع عن مساواتهم باللاجئين السوريين، الذين تتاح لهم خدمات التعليم والرعاية الصحية.

