كشف مصدر قضائي مطلع بالمكتب الفني للنائب العام عن دراسة الجهات القضائية زيادة عدد دوائر محاكمات الإرهاب، وتكثيف أيام انعقادها أسبوعيا، من أجل  تقليل مدد الحبس الاحتياطي، التي علق عليها العديد من المسئولين الأوروبيين والحقوقيين، آخرهم بعثة صندوق النقد الدولي.

وضمن تلك الاستراتيجية، أحالت نيابة أمن الدولة العليا 38 قضية تتعلق بالانضمام إلى جماعة إرهابية إلى المحاكمة الجنائية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، بالإضافة إلى الأسبوع الأول من ديسمبر الحالي.

وصل عدد المتهمين في القضايا المحالة نحو 4 آلاف شخص، معظمهم رهن الحبس الاحتياطي، بينما تم إخلاء سبيل البعض على ذمة القضايا.
وتضمنت الإحالات عدداً من السيدات والفتيات، وهنّ من أقارب وذوي المعتقلين السياسيين.

وتغطي القضايا المحالة وقائع تمتد بين عامي 2017 و2022 ،  مما يعني أن المتهمين تجاوزوا فترة الحبس الاحتياطي القصوى المحددة قانونياً بعامين على الأقل.
وتشمل التهم الموجهة إليهم الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وتولي قيادات في الجماعة، ونشر معلومات وبيانات كاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي لإثارة الرأي العام، والتحريض على التظاهر، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وتمويل جماعة إرهابية، وتنظيم تجمعات تتجاوز خمسة أفراد، والتخطيط لإسقاط نظام الحكم.

تم إصدار قرارات الإحالة بناءً على تعليمات من النائب العام محمد شوقي عياد إلى المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا خالد ضياء الدين، تقضي بالانتهاء من جميع القضايا المعلقة منذ سنوات، خصوصاً تلك التي تتعلق بالفترة ما بين 2017 و2022.
وتهدف هذه التعليمات إلى الالتزام بفترة الحبس الاحتياطي القصوى التي يحددها القانون في مصر بعامين.

هذه الخطوة تأتي استجابة لضغوط دولية، بما في ذلك توصيات صندوق النقد الدولي الذي طالب مصر باتخاذ إصلاحات تتعلق بحقوق الإنسان، بما في ذلك تقليل عدد المحتجزين احتياطياً.

وعن تحديات تسريع المحاكمات، قال مصدر بالمكتب الفني للنائب العام، دون الكشف عن اسمه للعربي الجديد: إن معظم القضايا الحالية تستند إلى قانون الكيانات الإرهابية الصادر عام 2015 وما بعده، والذي أُنشئت بموجبه ما تسمى بـ"دوائر الإرهاب".
وأوضح أن هذه الدوائر، ومعظمها في محكمة استئناف القاهرة، تعاني من نقص في العدد والطاقة الاستيعابية.
وأضاف: "إحالة هذا الكم الهائل من القضايا بشكل مباشر يفوق قدرة المحاكم على التعامل معها، مما سيؤدي إلى إطالة أمد التقاضي.
في العادة، تستغرق القضايا الإرهابية من شهرين إلى خمسة أشهر، لكن مع هذا العدد الضخم، قد تحتاج المحاكم إلى عام ونصف أو أكثر للفصل في القضايا".
وأشار المصدر إلى أن هذه المحاولات تأتي استجابة لضغوط تتعلق بملف حقوق الإنسان، لكنها لا تعكس نية حقيقية لإصلاح سياسي أو قضائي.

في هذا السياق، تدرس محكمة استئناف القاهرة، برئاسة المستشار محمد نصر سيد، مقترحين لمواجهة الكم الهائل من الإحالات في فترة زمنية قصيرة.
يتمثل المقترح الأول في زيادة عدد دوائر الإرهاب المختصة بنظر هذه القضايا، بينما يتضمن المقترح الثاني تكثيف عمل الدوائر الحالية وزيادة أيام انعقادها.
الهدف من كلا المقترحين هو الإسراع بوتيرة المحاكمات وتوزيع القضايا بشكل أكثر انتظاماً على مدار الأشهر المقبلة.

ووفق حقوقيين، فإن هذه الإحالات تأتي في سياق محاولة سلطات السيسي تحسين صورتها دولياً.
وذلك رغم كم كبير من الانتهاكات الحقوقية؛ وذلك من أجل التخفيف من الانتقادات الدولية بشأن الحبس الاحتياطي، لكنها في الوقت نفسه تنقل الأزمة من النيابة العامة إلى ساحات المحاكم.