في تصعيد جديد للحرب المستمرة في السودان، قصفت قوات الدعم السريع، مخيم زمزم للنازحين في ولاية شمال دارفور، الذي يضم أكثر من نصف مليون شخص.
المخيم، الذي يقع على بعد 15 كيلومترًا جنوب مدينة الفاشر، يشهد ظروفًا إنسانية غاية في الصعوبة، حيث يعاني النازحون من نقص حاد في الغذاء والمساعدات الطبية.
القصف المدفعي الذي استهدف المخيم يأتي بعد أيام قليلة فقط من وصول أول شحنة مساعدات إنسانية للمخيم الذي يواجه خطر المجاعة.
وكان حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، قد أعلن الخبر على صفحته على موقع فيسبوك، قائلاً إنه "يأسف لإبلاغ الرأي العام بهذا الخبر المحزن"، مشيرًا إلى أن النازحين في المخيم يتعرضون للقصف بشكل متعمد من قبل قوات الدعم السريع على أسس عرقية وإثنية.
وأضاف أن "هذه الأعمال الإجرامية" تحتاج إلى إدانة شديدة، داعيًا الله لحماية المدنيين في المخيم.
وفي وقت لاحق، أعلنت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر عن تعرض المخيم للقصف من مدافع وراجمات الصواريخ الثقيلة، وسط غياب التغطية الإعلامية بسبب انقطاع الإنترنت والاتصالات.
وشهدت المنطقة حالة من الرعب، حيث تم إطلاق أكثر من 10 صواريخ على المخيم، وسط تقارير عن إصابات وشهداء بين النازحين.
وضع إنساني كارثي في زمزم
يؤوي مخيم زمزم النازحين الذين فروا من القتال الدائر منذ عام 2003 في إقليم دارفور، إلا أن الأوضاع الإنسانية قد تدهورت بشكل أكبر منذ بداية التصعيد العسكري في أبريل 2023، ما أدى إلى نزوح 70% من سكان مدينة الفاشر إلى المخيمات في المناطق الشمالية من البلاد.
ويواجه النازحون تحديات كبيرة في تأمين الغذاء والمياه والدواء، ويعانون من نقص شديد في الرعاية الصحية.
الشتاء القاسي هذا العام يزيد من معاناتهم، حيث يفتقر النازحون إلى وسائل الحماية والتدفئة.
المواجهات العسكرية تشتد في السودان
في الوقت نفسه، تجددت المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة من السودان، حيث تصاعدت المعارك بشكل خاص في إقليمي كردفان ودارفور، وكذلك في ولاية النيل الأزرق وولاية الجزيرة.
وتستمر قوات الجيش في محاولاتها لاستعادة السيطرة على المدن التي يسيطر عليها الدعم السريع.
ونجحت قوات الجيش في استعادة مدينة الغبشة في شمال كردفان بعد معارك عنيفة، وتوسعت العمليات العسكرية في مناطق أخرى، مثل مدينة أم روابة، بينما تبادلت قوات الجيش والدعم السريع قصفًا مدفعيًا وجويًا على العديد من المواقع العسكرية في الفاشر.
وفي السياق نفسه، صرح وزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم عن استعادة الجيش السوداني لمصنع سكر سنار، الذي كان يعتبر نقطة انطلاق هجمات الدعم السريع على ولايتي سنار والجزيرة.
كما أعلن الجيش عن تقدمه المستمر في مناطق أخرى، بما في ذلك مدينة أم القرى القريبة من ود مدني، حيث تسعى القوات المسلحة السودانية لتحرير المدينة من قبضة قوات الدعم السريع.
التورط الأجنبي في الصراع
تتوالى التوترات الدولية في هذا النزاع، حيث اتهمت وزارة الدفاع السودانية دولة تشاد بتقديم دعم لوجستي لقوات الدعم السريع، بما في ذلك استخدام قواعد جوية لتقديم الدعم الجوي للهجمات على الفاشر وأم درمان.
هذا التورط الأجنبي في الصراع السوداني يأتي في وقت حساس مع استمرار تصاعد الأزمة الإنسانية في السودان.
وفي المقابل، قامت الحكومة الكولومبية بتقديم اعتذار رسمي للسودان عن تورط مواطنين كولومبيين في القتال في صفوف قوات الدعم السريع، مؤكدة أن هذه الأعمال لا تمثل سياسة الحكومة الكولومبية أو الشعب الكولومبي.
دعوات دولية للسلام
على الصعيد الدولي، طالب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر المجتمع الدولي بالتحرك العاجل للتعامل مع أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يواجه حوالي 26 مليون شخص في السودان خطر المجاعة.
كما تواصل القوى الدولية جهودها للضغط على الأطراف السودانية من أجل وقف القتال، مع دعوات من الاتحاد الأوروبي وأمم أخرى للعودة إلى الحوار وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.