في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها مصر، جاءت تصريحات بعض المسؤولين في قطاع الدواء لتثير الكثير من الاستغراب والدهشة.
حيث أعلن مسؤولون عن "انتهاء أزمة نقص الأدوية بالسوق المحلية بشكل كبير"، وهو ما يُعتبر ضربًا من الخيال، وكأنهم يعيشون في دولة أخرى.
فبينما تؤكد التقارير والشهادات اليومية من المواطنين على استمرار أزمة نقص الأدوية، لا تزال الأسعار في ارتفاع مستمر، مما يفاقم من معاناة المرضى والمحتاجين.
أزمة نقص الأدوية: واقع يعيشه المصريون
ما زالت مصر تواجه نقصًا كبيرًا في الأدوية الأساسية، حيث يجد المرضى صعوبة في الحصول على الأدوية التي يحتاجونها لعلاج أمراضهم.
وتشير الإحصائيات إلى أن العديد من الأدوية الحيوية لم تعد متوفرة في الصيدليات، مما يؤدي إلى تكبد المرضى أعباء إضافية في البحث عنها، أو اللجوء إلى البدائل التي قد لا تكون فعالة.
ولعل التصريحات الرسمية التي تعلن عن انتهاء الأزمة تُعد بمثابة تجاهل واضح للواقع المرير الذي يعاني منه المصريون؛ فالكثير من الأسر تضطر إلى دفع مبالغ باهظة للحصول على الأدوية من السوق السوداء، حيث ارتفعت الأسعار بشكل غير مبرر، ما جعل العلاج بعيدًا عن متناول الكثيرين.
ارتفاع الأسعار: كابوس يلاحق المرضى
تأتي أزمة نقص الأدوية جنبًا إلى جنب مع ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، حيث أفاد العديد من المواطنين أن تكلفة الأدوية قد زادت بنسبة تصل إلى 200% خلال العام الماضي فقط، وهذا يعني أن الأدوية التي كانت تعتبر أساسية لعلاج العديد من الأمراض أصبحت غير متاحة لكثير من المرضى، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
تضاف إلى ذلك معاناة المواطنين من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما يجعلهم في موقف حرج في مواجهة أعباء العلاج.
كما يضطر البعض إلى اتخاذ قرارات صعبة، مثل تقليل الجرعات أو اللجوء إلى العلاجات البديلة التي قد تكون أقل فعالية، في ظل غياب الرقابة الفعالة على الأسعار في السوق.
تجاهل الاحتياجات الأساسية
استمرار التصريحات الرسمية في مواجهة الأزمات الحالية لا يعكس الواقع، فبينما يُعتبر الأمل في انتهاء أزمة نقص الأدوية أمرًا ضروريًا، فيجب أن يكون هذا الأمل مستندًا إلى إجراءات فعلية على الأرض، بدلاً من التصريحات التي تبدو غير واقعية.
كما يتطلب الأمر تحسين إدارة سوق الدواء، من خلال وضع استراتيجيات واضحة لتوفير الأدوية الأساسية بأسعار معقولة، مع ضرورة دعم المصنعين المحليين لتقليل الاعتماد على الاستيراد، الذي يُعتبر أحد أسباب ارتفاع الأسعار.
ختاما؛ إن التصريحات المتفائلة لمسؤولي قطاع الدواء في مصر تُظهر انفصالًا واضحًا عن الواقع الذي يعيشه المواطنون.
لا تزال مصر تعاني من أزمة حقيقية في توفير الأدوية اللازمة، إلى جانب ارتفاع الأسعار الذي أصبح كابوسًا يلاحق المواطنين.
يتعين على نظام السيسي ومسؤولي القطاع الصحي أن يتحلوا بالمسؤولية، وأن يعملوا بجد لمعالجة هذه الأزمات بشكل فعلي، لا أن يكتفوا بالإعلانات التي لا تعكس الحقيقة.
في النهاية، إن توفير الرعاية الصحية الجيدة وحق الوصول إلى الأدوية بأسعار معقولة هو حق أساسي لكل مواطن، ويجب أن يكون في صميم السياسات الصحية.