في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تعاني منها مصر، يُعتبر قانون العمل الجديد بمثابة قنبلة موقوتة تهدد حقوق العمال الذين هم في أمس الحاجة إلى الحماية والدعم.
بينما تزداد حالات إغلاق الشركات وتسريح العمال، يبدو أن هذا القانون يأتي ليعزز من الهيمنة الاقتصادية على الطبقة العاملة، مما يفاقم من أوضاعهم المعيشية ويقوض حقوقهم الأساسية.
الانهيار الاقتصادي وتداعياته على سوق العمل
خلال السنوات الماضية، شهدت مصر انخفاضًا حادًا في الاستثمارات المحلية والأجنبية، مما أدى إلى إغلاق العديد من الشركات، وقد أدى ذلك إلى تسريح الآلاف من العمال الذين وجدوا أنفسهم بلا عمل، بلا دخل، وبلا أمل في مستقبل أفضل.
في الوقت نفسه، تفاقمت الأزمات الاقتصادية، بما في ذلك التضخم وارتفاع الأسعار، مما جعل الحياة اليومية تزداد صعوبة بالنسبة للعمال وعائلاتهم.
عندما نتحدث عن حقوق العمال، فإن ما يحدث في السوق المصري يثير القلق؛ فبينما يُفترض أن تسعى القوانين لحماية حقوق الأفراد العاملين، يبدو أن قانون العمل الجديد يتجه نحو تقليص تلك الحقوق بدلاً من تعزيزها.
مضامين قانون العمل الجديد
يُعَد قانون العمل الجديد بمثابة تغيير جذري في طريقة التعامل مع حقوق العمال، حيث يسعى إلى إلغاء بعض المكاسب التي تم تحقيقها على مر السنوات.
ومن بين النقاط المثيرة للجدل في هذا القانون، يُلاحظ ما يلي:
تسهيل تسريح العمال: يسمح القانون الجديد لأصحاب العمل بتسريح العمال بسهولة أكبر، مما يفتح الباب أمام انتهاكات حقوق العمال وتدني مستويات الأمان الوظيفي.
إضعاف النقابات العمالية: يُقلل القانون من قوة النقابات العمالية، التي تمثل صوت العمال وتدافع عن حقوقهم؛ ويضع قيودًا على قدرتها على تنظيم الإضرابات أو الاحتجاجات، مما يحد من قدرتها على مواجهة انتهاكات حقوق العمل.
خفض الأجور: يُظهر القانون توجهًا نحو تخفيض الأجور أو التأخير في دفع الرواتب، مما يعزز من معاناة العمال الذين يعانون بالفعل من ضغوط اقتصادية هائلة.
إغلاق الشركات: أزمة مستمرة
تؤدي أزمة إغلاق الشركات إلى تفاقم الأوضاع المتدهورة للعمال؛ حيث يجد العديد من الموظفين أنفسهم في مواجهة خطر فقدان وظائفهم دون تعويضات مناسبة.
وبدلاً من تقديم الدعم للعمال المتضررين، يبدو أن سياسات نظام السيسي تميل إلى حماية مصالح أصحاب العمل أكثر من حماية حقوق العمال.
في ظل هذه الأوضاع، يظل العديد من العمال في حالة من عدم اليقين، حيث لا يعرفون متى أو إذا ما ستغلق الشركات التي يعملون بها.
إن غياب الأمان الوظيفي يزيد من الضغط النفسي على العمال، مما يؤثر سلبًا على صحتهم العقلية والجسدية.
الحاجة إلى حماية حقوق العمال
في مواجهة هذه التحديات، تبرز الحاجة الملحة لتبني سياسات تحمي حقوق العمال وتضمن لهم الأمن الوظيفي.
ويجب أن تتضمن هذه السياسات توفير برامج دعم للعمال المتضررين من إغلاق الشركات، وتقديم تعويضات مناسبة تسهم في تخفيف الضغوط المالية عليهم.
كما يتعين العمل على تعزيز دور النقابات العمالية وتمكينها من حماية حقوق العمال، بدلاً من تقليص سلطتها.
ويتطلب الأمر أيضًا الوضوح في سياسات النظام من خلال الشفافية والمساءلة، مما يعزز من قدرة العمال على المطالبة بحقوقهم بشكل فعال.
ختاما؛ في ظل ما يحدث من هدر لحقوق العمال وإغلاق الشركات وتسريح العمال، يمثل قانون العمل الجديد تهديدًا حقيقيًا يضاف إلى معاناة الطبقة العاملة في مصر.
يتطلب الوضع الحالي تضافر الجهود من جميع الجهات المعنية، بما في ذلك النقابات العمالية والمجتمع المدني، لحماية حقوق العمال وضمان حقوقهم الأساسية، فالفشل في التصدي لهذه التحديات لن يؤدي فقط إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية، بل قد يؤثر أيضًا على الاستقرار الاجتماعي في البلاد.